خدمات الصحة الانجابية فىوثيقة عالم جدير بالأطفال

د. ست البنات خالد محمد على

استشاري أمراض النساء والتوليد جامعة الخرطوم

   تسعى منظمة الأمم المتحدة إلى حل مشكلات المرأة والطفل في العالم من رؤية أحادية الجانب ونمط من الثقافة وأسلوب من الحياة يمثل الواقع الغربي في فكره وحضارته مع الإغفال التام للتنوع الثقافي والحضاري لشعوب العالم وذلك بهدف عولمة المنظومات القيمية والقضاء على الخصوصيات الحضارية لسكان العالم.
إن نظرة المسلم إلى الخالق والكون والإيمان والبعث والحساب والالتزام بالمنهج الإسلامي في تشريعاته وغير ذلك من الثوابت تختلف عن رؤية العالم الغربي المؤمن بالمادية المنكر للقيم العاطفية والروحية وما تحمله هذه المادية من مسميات فكرية مختلفة لا يمكن التسليم بها ويصعب معها الالتزام بمقاصد وأهداف هذه المصطلحات ومن هذه المصطلحات : -
مصطلح الصحة الجنسية والإنجابية :
في وثيقة ( عالم جدير بالأطفال ) :تكرر في هذه الوثيقة مصطلح الصحة الجنسية والصحة الإنجابية حوالي ثلاث مرات :
ففي الفقرة رقم ( 1 ) من المادة السابعة والثلاثين:
تطالب الوثيقة بإمكانية حصول المراهقات والمراهقين فورا وبصورة مثيرة على الرعاية الصحية الأساسية في مجال الطب والتوليد وتمتع كل فرد بالصحة الجنسية والإنجابية مع توفير كافة خدمات ما يسمى(( بالجنس الآمن)) تحت تصرفاتهم بدون أى قيود ولا رقابة ووجود خدملت الإجهاض الآمن فى المستشفيات كحق أساسى من حقوق المرأة أو حتى "الطفلة الانثى " حيث أن سن الطفولة أعتبر فى هذه المواثيق الدولية الى سن 18 سنه.
وفي مجال التعليم المادة رقم ( 10 ) من الوثيقة:
لا بد من إدخال الثقافة الجنسية عير المحدودة الى برامج التربية والتعليم فى مختلف المراحل, كما تطالب بتنفيذ برامج تتيح للمراهقات الحوامل والأمهات تعليمهن .
وكذلك الفقرة الرابعة والخامسة من المادة السابعة والأربعين :
تدعو إلى زيادة قدرة النساء والمراهقات على حماية أنفسهم من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة وتقديم الرعاية الصحية في مجال الصحة الجنسية والإنجابية
كما تؤكد وثيقة ( عالم جدير بالأطفال ) أيضا على ضرورة الالتزام بنتائج مؤتمرات القمة التي عقدتها الأمم المتحدة ومنها مؤتمر الشباب والتنمية بالقاهرة ومؤتمر بكين الأول و (بكين+ 5 ) . وهذه الوثيقة – عالم جدير بالأطفال - والقاسم المشترك بين هذه الوثائق هو توفير خدمات الصحة الإنجابية والجنسية للمراهقين وخاصة الطفلة الأنثى .
ماذا تعني الصحة الإنجابية في هذه الوثائق ؟
هي احترام الحقوق الجنسية وحمايتها من الحمل الغير مرغوب فيه ( بتسهيل وسائل منع الحمل وإباحة الإجهاض ) والحماية من الأمراض التناسلية ، واعتبار الجنس هدف للمتعة . دون الإشارة إلى العلاقة الشرعية بين الزوجين – رجل وامرأة - وأفصحت بكين على اعتبار الحقوق الجنسية حق من حقوق الجسد يتمتع به جميع النشاطين جنسيا من كل الأجناس والأعمار وهي حق أصيل من حقوق الإنسان وهي باعتراف وفود الولايات المتحدة وكندا تقديم خدمات الإجهاض وتأمين الحرية للمراهقات .
كذلك تعرفها منظمة الأمم المتحدة بأنها تكامل النواحي الجسمية والعاطفية والثقافية والاجتماعية بأطراف العلاقة (( لاحظ تعدد أطراف العلاقة وليس طرفي العلاقة )) بشكل يثري الشخصية والحب والحصول على المعلومات الجنسية واعتبار الجنس هدف للمتعة والتناسل – لاحظ عدم الإشارة إلى العلاقة الشرعية بين زوجين رجل وامرأة - .
ويتكرر في هذه الوثائق بأن الصحة الجنسية والإنجابية حق لجميع الأفراد وليس الأزواج أي أنها قد تكون خارج نطاق الزواج بعيدا عن الإكراه والتمييز والعنف في أعلى مستوى صحي يمكن تحقيقه خلال الممارسات الجنسية من تقديم خدمات العناية بالصحة الجنسية والإنجابية .
وهي طلب استقبال ومنح المعلومات المتعلقة بالممارسة الجنسية واحترام السلامة الجسدية أن تكون برضا الطرفين وأن تكون آمنة من ( الحمل غير المرغوب فيه و الامراض التناسلية بما فيها الايدز) .
كل ذلك يدل على مدى خطورة هذا المصطلح والذي يعطي المراهقين حق ممارسة الجنس والحصول على المعلومات ذات الصلة وتفادي الحمل غير المرغوب فيه مع الدعوة إلى تأخير سن الزواج !! .
ومع إباحة الحرية الجنسية للمراهقين تطالب الوثائق الخاصة بالأمم المتحدة حق المراهقين في الاستقلال عن ذويهم وعدم التدخل في شئونهم باعتبارها أمور لا تخص الأسرة بل هي من الأمور الشخصية ويجب على الأهل الانسحاب من حياة أولادهم المراهقين وعدم تقديم المشورة وإسداء النصيحة فيما يخص حياتهم الجنسية .
ولا تطالب بالتدخل لمنع حدوث هذه الكوارث ومن هذه الكوارث :
1- أمهات مراهقات حوامل مما انعكس على حياة الطفل بالأضرار البدنية والنفسية والاقتصادية حيث أصبح الفقر من نصيب الفتاة المراهقة لأنها أصبحت كغيرها من النساء أماً معيلة وذات ابناء بدون آباء وليس ذلك فحسب بل تأتى المطالبة بالسماح للأم أن تنسب إليها أبنائها من الزنا لعدم معرفة آبائهم .
2- أثر ذلك أيضا على الأطفال أنفسهم من تركهم إلى مؤسسات رعاية بديلة أو للتبني أو البيع أو تربية داخل أسر لا تربط الطفل بهم أي صلات رحم مما كان له تأثير سلبي على نشأته نشأة سوية .
3- لجوء الفتيات المراهقات إلى الإجهاض والتخلص من أطفالهن وهو قتل تحرمه الشرائع الدولية وعارضه الأزهر والفاتيكان وبعض منظمات حقوق الإنسان في العالم الغربي باعتباره جريمة قتل فأين هي حقوق الطفل جنينا وحقه في الحياة والبقاء والنماء كما تقول هذه الوثائق ؟ !
علما بأن اللجوء إلى الإجهاض لم يؤدي إلى حل مشكلة المراهقات الحوامل والحد من انخفاض عدد المواليد الغير شرعيين فهو في تزايد مستمر ورغم ذلك فإن وثائق الأمم المتحدة تدعو جميع الدول : إلى إباحة الإجهاض أو تحديد النسل كحل للمشاكل الاقتصادية أيضا في دول العالم الثالث ولأهداف أخرى منها تهديد سكان العالم الثالث لأمن الدول الغنية الغذائي لتزايدهم وحاجتهم إلى الغذاء والثروة مع ملاحظة أن موارد وثروات العالم الثالث إما غير مستغلة استغلالا كافيا وإما هي بيد الدول الصناعية الغنية .
ومن هنا ندرك أهمية المطالبة بتعميم وسائل منع الحمل وإباحة الإجهاض من وجه نظر الغرب – ليس حلا لمشاكل فتياتهم المراهقات - بل هو توظيف سياسي لشعوب العالم الثالث وأغلبه من المسلمين مع الترويج لثقافة الإباحية الجنسية في بلادنا والتى تعمل بطريق مباشر وغير مباشر الى الحد من خصوبة النساء والحد العمد من عدد السكان وهذا غاية أملهم فى سياساتهم السكانية.
من السلبيات الخطيرة أيضا في وثيقة (عالم جدير بالأطفال) وغيرها من الوثائق التصديق على مواد الاتفاقيات التي تدعوا إلى:
الاعتراف بالأشكال المختلفة للأسر :
المادة الرابعة عشر من وثيقة (عالم جدير بالأطفال) تؤكد على أهمية الأسرة ودورها في رعاية وحماية الطفل ثم تضيف : مع مراعاة أن الأسرة تتخذ أشكالا مختلفة باختلاف النظم الثقافية والاجتماعية والسياسية .
والأسرة في اللغة العربية تعني القوة والحبس والدرع الحصينة وهي تتكون من زواج رجل وامرأة زواجا شرعيا واستقر على هذا النظام كافة النظم البشرية القديمة والمعاصرة وهي أسر بيولوجية واجتماعية ممتدة ، كما هو في الإسلام – إلى الأصول والفروع وتقوم العلاقات بينهما على التراحم والرعاية والقيام بحقوق وواجبات متبادلة وعلى الأسرة العبء الأكبر في توفير النفقة والرعاية والحماية للطفل من خلال نظام الأحوال الشخصية في الإسلام ومن خلال أواصر الرحم والعشيرة والمودة والتعاطف بين الأطفال وذويهم .
بينما الأسرة في المجتمعات الغربية تتنوع وتتشكل مع إباحة الجنس الحر والشذوذ الجنسي فوجدت للأسر عدة أنواع منها :
1- الأسر التي تقوم على مجرد الالتقاء بين رجل وامرأة متعايشين أو متحدين بدون زواج .
2- الأسر المثلية بين رجلين أو امرأتين ومن حقهما الحصول على طفل بالتبني أو السفاح أو استئجار الأرحام .
3- الأسر الجماعية وهي تتكون من مجموعة من النساء والرجال يتبادلون المتعة وقد ينجبون أطفالا غير معروفي الأب .
وأمام هذا التنوع البشع لأنواع الأسر تذهب حقوق الطفل حيث ينشأ في بيئة غير آمنة على مصالحه وحياته .
وتنص الوثائق الدولية الخاصة بالطفل على أهمية الرعاية البديلة للطفل وقد ورد ذلك في الإعلان العالمي لبقاء الطفل المادة الخامسة عشر والمادة العشرين فقرة ( هـ ) وفي وثيقة عالم جدير بالأطفال والتي تقرن دائما الآباء والأمهات بلفظ الأسر ومقدمي الرعاية البديلة في تساويها مع أسرة الطفل الحقيقية وهو ما لا يمكن أن يستقيم فأسرة الطفل الحقيقية هي الأحرص والأكثر عاطفة واهتماما بطفلها عن هذه المخاض البديلة فهي التي تكسبه الاستقرار العاطفي وتنظم دوافعه وتهذب سلوكه وتعوده الانضباط ورعاية حقوق الآخرين كما هي البيئة الأولى لإكساب الطفل عقيدته وخلقه وحبه للمجتمع . أما الأسر البديلة فإن دورها وإن صدق لا يتعدى الطعام والملبس والمأوى وبالتالي فهي لا توفر للطفل الأمن والأمان والحماية لافتقاد دوافع الرحمة والحنان وإحساس الطفل عدم الانتماء إليها .
ويعد انتشار وسائل الرعاية البديلة للصغار كدور الحضانة وللكبار كدور رعاية الكهول في الغرب كنتيجة حتمية لانهيار نظام الأسرة بانتهاء الزواج الشرعي وانسحاب الآباء من حياة أبنائهم والتخلص من مسئوليات الزواج وعدم وجود اى حماس من الابناء لرعاية الكهول وكبار السن ....
وهكذا هى الحياة وكما تدين تدان.

مقالات أخرى :

قانون الطفل المصري.. حلقة بسلسلة التغريب

اليوجينيا Eugenics

ملك الختان
الفقر والجوع القادم !!

سأكون كأبي ضمضم
حركة العصر الجديد

دعوة "سدوم"..تعيدها الأمم المتحدة

النظام العالمى الجديد وسياسات السيطرة على السكان

جميع الحقوق  محفوظة الإ للنشر الدعوي مع الإشارة للمصدر  موقع منظمة أم عطية 2009  اتصل بنا  info@umatia.org

المشرف العام على الموقع  د . ست البنات خالد  السودان - الخرطوم