الجندر:
كفر أم فسوق أم فجور «1» جامعة الخرطوم أنموذجاً
الشيخ سعد أحمد سعد
صحيفة الإنتباهة السودانية
أرسل لي أخ عزيز ثلاث إصدارات نشرتها
جامعة الخرطوم بالتعاو ن
مع هيئة الأمم المتحدة.
هذه فقط أربع عشرة كلمة.. وهي وحدها تكفي لبيان أن هذا الأمر
تحيطه كثير من الريب وتحفه كثير من الشكوك والظنون.. ولكن إذا
غصت في ثنايا الإصدارات ونظرت في فحواها بتبصر وتفكر وتدبُّر
أيقنت أن الأمر لا يقل عن مؤامرة وكيد يستهدف الوجود الحسي
والمعنوي لكل ما يمت إلى العقل وإلى الدين بصلة.
وقبل أن نعرض للقدر الكبير من الإسفاف والتعسف والتخبط الذي قد
يصل إلى درجة الغباء وإلى الكيل بمكايلين.. قبل كل ذلك لأن
جامعة الخرطوم هي المسؤول الأول والأخير عن هذه السقطات الثلاث
إذ لم يدّع أحد المسؤولية عن تأليفها.. والأمم المتحدة كالعهد
بها تقف مختبئة وراء الجامعة أو وراء اللجنة المكونة من حوالى
اثنين وعشرين أستاذًا وأستاذة.
الأخ مدير جامعة الخرطوم
لعلك تعلم وتدرك أن جامعة الخرطوم هي أول وأعظم صرح تعليمي
تربوي في السودان.. ولعلك تعلم وتذكر أن جامعة الخرطوم «كانت»
إحدى المفاخر التي يتيه بها السوداني على الدنيا كلها.. ولعلك
تعلم أن الالتحاق والتخرج في جامعة الخرطوم كان هو «الواسطة»
و«التزكية» لكل من رغب في وظيفة من خريجيها.. بل حتى لو كان
فاقداً تربوياً منها..
في عهد قريب كان على خريج جامعة الخرطوم إذا رغب في وظيفة خارج
السودان أن يحزم حقائبه ويودع أقاربه ويحمل شهاداته ويختار
العاصمة التي تشتهيها نفسه.. ليجد أن الوظيفة جاهزة وكأنها
تترقب قدومه.. هل تعلم أن الطبيب المتخرج في جامعة الخرطوم كان
في إمكانه أن يفعل ذات الشيء ويتوجه تلقاء لندن ويستلم وظيفته
فورًا وربما بغير معاينة.. أو اختبار.. وهل تعلم يا سيادة
المدير أن العبارة المتداولة بين أهل الطب في عاصمة الضباب في
ذلك الوقت ما كانت؟!
If he is Sudnese take him
ولكن يبدو أن الوهن قد تغلغل في أوصال الجامعة واستشرى الداء
في جسدها وغزا المخيخ والبصيرة واللب والفؤاد.. حتى أصبحت
الجامعة الرمز والصرح والفخر والعزة والكبرياء.. أصبحت تطأطئ
رأسها لدولار الأمم المتحدة المتسخ القذر.. وتبيع أمجادها
وتاريخها.. بل وتاريخ الأمة.. بل ودينها.. في مقابل كم من
الدراهم والدنانير؟ لا شيء.. تبيع بلا مقابل.. وبلا عوض.. تبيع
الدين والمجد والشرف.. بالوهم والسراب والريح.. إن لم يكن
الأمر كذلك فما هذا الذي تولت كبره جامعة الخرطوم وهي تصدر
ثلاث إصدارات.. مطبقاً واحداً وكتابين.. وكل واحد من الثلاثة
يحمل في صدره جامعة الخرطوم ـ معهد الدراسات والبحوث الإنمائية
ـ وحدة النوع والتنمية ـ بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة
للمرأة
وتحت كل هذا.. سطران
الأول: المرأة السودانية وقضايا ما بعد الاستفتاء
الثاني: سلسلة المرأة السودانية والدستور المرتقب.
كل هذه العبارات موجودة في ستة أسطر في واجهة كل إصدارة.
ومجرد مطالعة هذه العبارات الست يؤدي بأكثر الناس ضحالة في
الفكر وغفلة وغباء إلى اليقين بأن هيئة الأمم تمارس تدخلاً
سافرًا في الشأن الداخلي لدولة مستقلة وأن الجهة السودانية
التي سمحت بمثل هذا التدخل تصلح مثالاً وشاهداً لتفسير العبارة
التي وردت في الحديث الشريف «بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء
السيل»
إذا كنت تريد أن تعرف وتلمس معنى وقدر الغثائية التي تمارسها
جامعة الخرطوم فهيت لك.. اقرأ هذه الإصدارات ثم احكم بنفسك
إن السقطات والزلات الأكاديمية البحتة المتعلقة بمنهة التفكير
والاستدلال تكفي وحدها لمصادرة هذه الكتيبات التي شوهت سمعة
الجامعة الرمز والصرح والمفخرة.
إن جامعة الخرطوم تجعل من نفسها مخلب قط للأمم المتحدة سيئة
السمعة.. وعديمة الشرف.. وقليلة الحياء.. ورقيقة الدين «لا
تندهش أيها القارئ.. ولا تعجب.. فأنا أعني رقيقة الدين بمعناه
الواسع الفضفاض.. الذي تدخل فيه حتى الوثنيات وما يسمى
بالديانات العرفية.. الطوطمية»
وإذا استمر الحال على هذا المنوال فستجعل جامعة الخرطوم من
نفسها أضحوكة العالم ومسخرة الدنيا.. وسيخجل المواطن السوداني
من الانتماء إلى السودان أو نكران أن في السودان جامعة اسمها
جامعة الخرطوم..
وحتى نبدأ في كشف عوار وسوءات هذه الإصدارت وبيان فداحة الجرم
الذي ترتكبه جامعة الخرطوم فهاك عناوين هذه الإصدارات الثلاث.
1/ قضايا المرأة السودانية في الدستور الانتقالي.
2/ مشروع وثيقة دستور يراعي مفهوم النوع الاجتماعي «الجندر».
3/ وضع المرأة في الدستور المقبل: النوع وقضايا الحكم الراشد.
فإذا أردنا أن نستخرج المفردات المفتاحية في هذه الإصدارات
الثلاث فسنجد الآتي:
جامعة الخرطوم ـ الأمم المتحدة ـ الدستور الانتقالي ـ الدستور
القادم ـ المرأة ـ الجندر ـ النوع الاجتماعي ـ الحكم الراشد..
وسنكتشف أن هناك ثلاث مفردات أو عبارات مقحمة وتمثل نشازًا
وتنبو على السمع.. وتحس وكأنك التقمت لقمة ثم شعرت بأن فيها
جسماً غريباً لابد من التخلص منه حتى تزدرد طعامك بسهولة ويسر..
المفردات الثلاث هي «1» الأمم المتحدة «2» الجندر «3» النوع
الاجتماعي
إذا خرجت هذه العبارات الثلاث فستجد أنه لا بأس أن تناقش جامعة
الخرطوم وتقترح ما تراه حول الدستور القادم وتحلل دستور 2005م
وتؤصل لدور المرأة ومكانتها وحقوقها في المجتمع وتطالب الدستور
برعايتها.
لا بأس في ذلك.. ولا مشاحة في أن تقوم به الجامعة وتراعي فيه
النواحي الأكاديمية.. والمنهج العلمي في البحث وتلتزم بأصول
الأحكام الشرعية.. أو تعرض الفرعيات على الأصول.. أو ترجح رأياً
على رأي.. أو توفق بين اجتهادين.. وغير ذلك.. وكله متاح
للجامعة.. ومقبول منها وتتهيأ الجامعة للحوار والنقد وأن يؤخذ
من قولها ويرد.. وأن يقال لها أصبت أو أخطات.. بلا مشاحة في أن
تستعين الجامعة بالخبرات الدستورية والفقهية والفكرية من أهل
الإسلام من داخل السودان وخارجه..
أما الأمم المتحدة.. فتضرس
وأما الجندر.. فيصيبنا بالغثيان
وأما النوع الاجتماعي .. فيجعلنا نحس بأن الجامعة أصبحت هزْأة
بسكون الزاي وهزَأة بفتح الزاي.. أي أنها تسخر من الناس
والحقيقة هي أنها التي تجعل من نفسها موضعاً للسخرية.
وأول ما نبدأ به من فضح عوار الجامعة هو السؤال المفتاحي: ما
هو الجندر؟ وما مفهومه؟ وما هو رأي الشريعة الإسلامية في مصطلح
الجندر؟ وبأى لغة تأتي مفردة الجندر؟ وما هو معناها في لغتها
الأصلية؟ ولماذا تُرجمت بالنوع الاجتماعي؟ وهل الترجمة الصحيحة
النوع أم النوع الاجتماعي؟
تريد جامعة الخرطوم أن توهمنا بأن هناك شيئاً اسمه الجندر وأنه
شيء موجود وماثل ومدرَك في اللغة والفكر والممارسة، وأننا معشر
أهل الشرق وأهل الإسلام متخلفون ورجعيون وأميون.. لأننا لا
نعترف.. بل لا نعرف شيئاً اسمه الجندر ولا نقر به ولا نبني
علاقاتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على أساسه وحسب
مقتضاه.
والجندر كلمة ومفردة لم ترد في شعر الحطيئة.. ولا وردت في كتاب
الله ولا نطق بها سيد الفصحاء وإمام البلغاء عليه أفضل الصلاة
وأتم التسليم.. بل هي مفردة أعجمية.. ذات معنى أو معانٍ تضبطها
معاجم اللغات الأعجمية وسألنا في المقالة السابقة بضعة أسئلة
وجهناها إلى الجامعة حول معنى الجندر ومفهومه وترجمته ووجوده
في الحياة ونحن الآن نجيب عن تلك الأسئلة لنبين للجامعة أنها
تقود ركب الغثائية وأنها تتبع كل ناعق.. وأنها تلغي تراثها
وميراثها وتخلع تاج فخارها وعزها.. وتدخل سوق النخاسة العصرية
لتجعل من المرأة التي كرمها الله وبوأها أسمى مكانة في المجتمع
وفي الحياة وجعل الجنة تحت أقدامها وجعل حقها على أبنائها
أضعاف حق الآباء.. وجعل الكريم من أكرمها واللئيم من أهانها..
وجعلها ملكة متوَّجة في بيتها ورعيتها وزوجها وأبنائها.. وجعل
زوجها قائماً بحاجياتها وبخدمتها ورعايتها وصيانتها.. وأعطاها
في الميراث أكثر من حق الرجل أضعافاً مضاعفة.. وهذه حقيقة تخفى
على كثيرين من الفطناء وعلى كثيرين من أدعياء الفطنة.. أعطاها
الميراث خالصاً لها.. لا تنفق منه على أحد.. ولا تكلف منه
النفقة على نفسها ما دام لها أب أو زوج أو أخ أو عاصب.. وأعطى
أخاها ثلثين وألزمه الإنفاق على زوجته وأولاده وأبيه وأمه
وأخواته إن وجدن.
بعد كل هذا في مجال الإنفاق تسعى جامعة الخرطوم لتجعل المرأة
سلعة في سوق النخاسة الأممي الذي تقوم بالقيادة فيه أو «القوادة»
«لا أدري أيهما أصح في اللغة»
الأمم المتحدة.
وسنعود إلى موضوع السمسرة هذا الذي تتبناه الأمم المتحدة وتقود
ركبه وتضع قوانينه ولوائحه.. ولنجب الآن عن الأسئلة حول الجندر
حسب ما ورد في المعاجم.
الكلمة جندر gender
وهاكم ما ورد عنها في معجم Merriam Webster's Collegiate
Dictionary الطبعة العاشرة قال في المعنى الأول a subclass
within a grammatical class (as noun, Pronoun, adjective or
verb
وترجمة هذا الكلام أن الجندر «الجنس» هو عبارة عن مجموعة فرعية
داخل مجموعة نحوية «من علم النحو» مثل الاسم والحال والصفة
والفعل.
وهو أمر متعلق بتأنيث العبارة أو تذكيرها إذا كانت اسماً أو
فعلاً أو صفة أو حالاً.. يعني أن تعرف كيف تؤنث في موضع
التأنيث وتذكر في موضع التذكير ولا تخلط الأمور.. وهو أمر
معروف ومطلوب في كل اللغات مع اختلافات طفيفة يعرفها أهل صناعة
اللغة وقال المعجم في المعنى الثاني لمفردة جندر: (the
feminine gender) sex ومعناه الجنس: كان تقول جنس الأنثى ثم
أورد معنى إضافياً قال the behavioral, cultural or
psychological trit typically associated with one sex يعني
الجندر معناه المنحى السلوكي أو الثقافي أو النفسي »السيكلوجي«
النمطي الخاص بأحد الجنسين، أي هناك منحى انثوي ومنحى ذكوري
وليس هناك منحى مشترك يتبادله الجنسان أو بمعنى آخر فإن هذا
التعريف لا يؤسس لمفهوم شيء أو سلوك أو ثقافة أو حالة نفسية
فيها خصائص مشتركة انثوية وذكورية جنباً إلى جنب وفي ذات الوقت..
أي بمعنى بسيط وغير مركب أن الذكر ذكر والأنثى أنثى والمعروف
لدى كل الشعوب والأمم أن أي تمازج بين خصائص الأنوثوة والذكورة
كانت واحدًا يطمس الكائن حتى لا يُدرى ما هو ويسميه الإنجليز
Tomboy وهي الفتاة المسترجلة ونسميه نحن محمد ولد وانظر إلى
هذا التطابق والتماثل في النحت والاشتقاق لدى اللغتين رغم ما
بينهما من تباعد في الأصول.
ثم نأتي إلى قاصمة الظهر التي تطبق على جامعة الخرطوم وتسد
عليها الطرق والسبل وتحاصرها فلا تدع لها من الفرص إلا جعار
الضبع عندما يحاصرها الصائدون.
يقول القاموس the behavioral, cultural or psychological trit
typically associated with one sex
ولو ترجمنا المصطلح فهو يعني مخالف النوع وهو الشخص الذي يلبس
أو ينصرف أو يسلك وكأنه فرد من الجنس المضاد أو المقابل.
ومعناه أن الشخص الذي يلبس أو يسلك مثل أفراد الجنس المقابل
لجنسه «المرأة مثل الرجل أو الرجل مثل المرأة فهذا مخالف ومنافٍ
للفطرة لأنه يريد أن يلوي حقائق الجنس ليًا فيجعل من الذكر
أنثى أو شبيهًا بالأنثى ومن الأنثى ذكرًا أو شبيهة بالذكر..
وهذا محال.. قال الشاعر...
ومكلف الأشياء ضد طباعها... متطلب في الماء جذورة نار
ويحيط بالأمر كله ومن جميع جوانبه ونواحيه قول الله سبحانه
وتعالى «وليس الذكر كالأنثى».
وهذا يتعلق بالأدوار النمطية فقط دون سواها من الأدوار فالدور
النمطي للرجل لا يصلح ولا تستقيم معه الفطرة لدى المرأة..
والدور النمطي للمرأة لا يصلح ولا تستقيم معه الفطرة لدى الرجل..
والقرآن لم يقل وليس الرجل كالمرأة لأن القرآن يفرق بين الكائن
البيولوجي والكائن الإنسان.. بل حتى في الكائن البيولوجي هناك
خصائص إنسانية بحتة يشترك فيها الاثنان.. كالأكل والشرب والنوم
والحواس والأعضاء والمشي.. ولكن التمايز يحدث فيما يتعلق
بالأنوثة والذكورة فقط.
وبحثت أيضًا عن كلمة جندر وجنس في المعاجم فلم أجد «جنس» بمعنى
جندر إلا فيما يتعلق باللغة.
قال في معجم المورد لرومي بعلبكي طباعة دار العلم للملايين
الطبعة الحادية والعشرين عام 2007
قال عن Gender: جنس «من حيث التذكير والتأنيث» لغة
ومعنى كلمة جنس الذكر وجنس الأنثى Feminine gender and
Masculine gender ولم يترجم «نوع» على أنها جندر. قال من مادة
نوع «ضرب - صنف - شكل) kind, sort,type, variety, species,
class, grade, naluise,
quality, character, form
لم يقل قط - ولم يقل أحد غيره فيما أعلم أن مفردة جندر يمكن أن
تترجم على أنها نوع أو نوع اجتماعي.
وفي الإنجليزية يقولون عن الولد المتشبه بالبنت Girlise يعني
بناتي أو أنثوي أو بنتوي ونقول عنه في العربية مخنث فالتشبه
مذموم عندنا وعندهم سواء بسواء.
ولكن الذي يجري الآن هو محاولة للي الحقائق وتحميل المفردات ما
لا تحتمل، كل ذلك في سبيل الوصول إلى غاية دنيئة وماكرة وخسيسة
وهي تيسير تداول المرأة وجعلها سلعة سهلة وفي المتناول وذلك
بغرض تحطيم المجتمعات وهدمها بغرض السيطرة عليها وتطويعها
وإذلالها واستخدامها، وفي الحديث لعن الله المتشبهين بالنساء
من الرجال والمتشبهات بالرجال من النساء ومع ذلك فإن الجامعة
تجهد نفسها وتقسو عليها وتنعاها لتقنعنا بأن هناك شيئًا اسمه
النوع الاجتماعي..
نقول الجامعة في ص 6 من الإصدارة الثانية تحت عنوان: مفهوم
النوع الاجتماعي يختلف عن المفهوم العام للجنس.
تقول: فالجنس يعني الخواص البيولوجية التي تعود إلى تحديد جنس
المفرد ذكرًا أو أنثى بينما تواضع الناس على أن المقصود بالنوع
الاجتماعي «الجندر» هو الهوية والكيان الإنساني الذي يتم
تشكيله اجتماعيًا ويتأثر بما يمكن تحديده بالإدراك الحسي
الاجتماعي للآثار والأدوار الذكورية أو الأنثوية التي يحددها
المجتمع المعين.
إن عبارة تواضع الناس التي وردت في السياق هي ضرب من الكذب
الرخيص وعدم الحياد وعدم الأمانة.. فأين ورد هذا التواضع
والاتفاق؟ لماذا لا يورد المصادر التي أخذ منها؟ ولماذا لا
يقتبس بعض العبارات التي تؤيد هذه الدعوى الكذوب.
إن الصحيح أن الناس - عربهم وعجمم، مسلمهم وكافرهم - تواضعوا
على أن أي تداخل في الخصائص الذكورية والأنثوية في كائن إنساني
واحد ينتج مسخًا مشوهًا للاثنين وأطلقوا على هذا المسخ أوصافًا
غير محايدة وغير مجاملة وهو تراث إنساني ممتد ينتجه كل مجتمع
داخله دون النظر إلى ما يدور في المجتمعات الأخرى.. بدون أحقاد
ولا سخائم ولا ثارات ولا تصفية حسابات.. لأن كل مجتمع ينتج
تراثه هذا لنفسه هو ولأفراده ولا يكيد به لمجتمع آخر ولا يضعه
في اعتباره.
كل ذلك خلاف هذا الذي يجري من عملية النحت المستحيلة التي
تضطلع بها هيئات الأمم المتحدة لتأتي بمفردات حديثة الولادة أو
حديثة الصنع من عينة ضُرب في الأمم المتحدة.
إن هذا كله يدل دلالة واضحة على أنه ليس هناك لدى الأمم
المتحدة ما يبرر تدخلها في قضايا المرأة ولا قضايا الدستور..
كما أنه ليس هناك للجامعة مايبرر تدخلها تحت مفردات مغشوشة ولا
الخوض في مفهوم غربي أممي تآمري لم يرد به كتاب ولا سنة.. ولم
يقل به عاقل سليم الطوية ولا عالم يحترم علمه ولا تسوقه
الشهوات ولا يتلاعب به أصحاب الأهواء وسماسرة الأعراض وسماسرة
السياسة الأوغاد.
قلنا إن جامعة السودان ذات الماضي العريق وذات السجل المليء
بالمفاخر تكاد اليوم أن تصبح بوقًا من أبواق الأمم المتحدة..
ومطية من مطاياها.. فهي تصدر ثلاث نشرات بمال الأمم المتحدة
وفكر الأمم المتحدة.. وتحشر أنفها في قضايا خلافية ونحن نقول
ذلك من باب التلطيف والتلطف.. وإلا فإن القضايا المعنية حسمها
كتاب الله وسنة رسوله بنصوص واضحة محكمة قطعية الدلالة.. ولا
يملك أي دستور إسلامي أن يتحاوزها أو يتخطاها. ولكن الذي يحدث
الآن لا يحدث إلا بسبب انبطاح الإنقاذ وانكسار الحركة
الإسلامية وانكفاء العلماء والدعاة على دواخلهم. إن العلمانيين
اليوم متراصون ومبارزون بالعداوة للإسلام وللإسلاميين.. ويجدون
الثغرة تلو الثغرة للدخول إلى حصون الإسلام وإفسادها من الداخل.
واللوم ليس على الحكام.. وحدهم.. ولا لوم على العلمانيين في
هذه الحياة العاجلة.. فهم ليسوا مكوِّنًا من مكونات البرنامج
الإسلامي الإصلاحي.. بل هم واحد من عقباته ولكن اللوم جل اللوم
على أهل العلم و أهل الدعوة.. منظمات وأفراداً..إن الذي تفعله
الإنقاذ اليوم يؤدي إلى فساد الحاكم والحكم والمحكوم.. كل ذلك
والعلماء منكفئون على الأكاديميات وعلى منابر الوعظ وإلى إنشاء
«الجماعات» حتى أوشكت أن تربو أو لعلها ربت على الثلاثين. ولا
أحد يستطيع أو يفكر في أن يقول للإنقاذ «وقّف» كما قالها عبد
الرحيم علي في إحدى قاعات جامعة الخرطوم والطلاب العلمانيون في
ذلك الزمن يقدمون «رقصة العجكو» وأنا على بقين تام أن جامعة
الخرطوم لو شاءت أن تقدم رقصة العجكو اليوم لما استطاع داعية
ولا عالم ولا حاكم أن يقول للجامعة «وقّف». وجامعة الخرطوم
اليوم تبارز ربها العداء وتقدم مفهومًا مصطنعاً مزوَّراً لا
يسنده دين ولا عقل ولا فكر ولا لغة إنه مفهوم منحوت ومنحول
ومصنوع.. اسمه الجندر.. وقد أوضحنا في المقال السابق أنه لا
أصل له لا في الدين ولا في اللغة ولا في الممارسة الاجتماعية..
إن الذي يحاوله دعاة الجندرة هو تحويل المرأة إلى سلعة أو إلى
آلة. إن مفهوم تحرير المرأة هو بعينه مفهوم تحرير السلعة أية
سلعة. إن تحرير السلعة هو العمل على ضمان وصولها إلى أيدي
المستهلكين.. بدون مشقة.. وبدون احتكار.. وبدون غلو في الأسعار..
وهذا التحرير هو عينه ما يريدونه للمرأة.. ولكنهم يزيدون على
ذلك فيسعون إلى حمايته بالدستور.. وأنشأوا جماعة سموها «مجموعة
منتدى جندرة الدستور» هل تكفي هذه المجموعة من الشباب والشابات
لإقناع أهل السماء والارض بأن هناك خطأ في القرآن أو خطأ في
السنة أو أن القرآن مثلاً لم يستوعب مفهوم الجندر والجندرة..
وهو مفهوم استوعبه ونوه به ناس محجوب وابتسام وعبد الله وسامية
وسميرة وهدى وشذى وهنادي وأحلام ورباب ونون؟!
طيب: أين سعاد وعائشة ومزاهر وخديجة وبدرية وإحسان؟
إذا كان القرآن أخطأ لما قال «وليس الذكر كالأنثى» فما ظنكم
بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم «لن يفلح قوم ولّوا
أمرهم أمرأة»؟! بمقياسكم «الخائس» ــ من خاس يخيس ــ لا بد أن
تكون هذه مؤامرة.. ولا بد أنكم تصنفون من يقول مثل هذا القول
بأنه عدو المرأة!!
شاهت الوجوه!!
الورقة تنحو إلى جندرة القضايا الإنسانية التي بعث الله سبحانه
وتعالى الأنبياء والرسل وأنزل الكتب والصحف وشرع الشرائع
لتقويم اعوجاجها.. وتعديل ميلها.. خذ مثلاً التعليم.. هؤلاء
يجعلون التعليم قضية أنثوية.. يعني قضية جندرة . مع أن الجندرة
أصلاً لا وجود حقيقي لها لا في هذه القضية ولا في غيرها من
القضايا.. يقولون: «من ناحيتها رفعت الحكومة يدها من دعم
التعليم» هل التعليم قضية أنثوية؟ هل هو قضية جندرة؟ هل المرأة
هي المتضرر الوحيد من رفع الدعم عن التعليم؟ إن الجندرة الحقة
والمطلوبة أن تحتج هؤلاء الناشطات على توحيد مناهج التعليم لأن
احتياجات النوع تتعلق وتتحدد بالأدوار النمطية التي خُلق كل
نوع لأدائها لتكتمل دورة الحياة.. إن الجندرة الحقيقية هي أن
تحتج الناشطات «الفالحات» هؤلاء على تغول النوع.. إن هؤلاء
القوم لا يستحون.. ولا ينكرون أصولهم ولا جهاتهم الداعمة فهم
يقولون في الإصدارة رقم «1»:
إن هذه المبادرة جاءت في إطار دعوة ابتدرتها هيئة الأمم
المتحدة لتنمية المرأة بالشراكة مع وحدة المرأة ـ النوع
والتنمية بمعهد الدراسات والبحوث الإنمائية جامعة الخرطوم.
إن الأمم المتحدة كما هو معلوم لا تبحث عن التمويل.. وهي كذلك
لا تبحث عن الأفكار.. إن الذي تريده الأمم المتحدة وتشتريه
بالمال هو الغطاء.. هو حصان طروادة.. إن كل واجهات الأمم
المتحدة ليس لها برامج ولا أجندة ولا مشاريع إلا تفكيك
المجتمعات الإسلامية وطمس الهُوية الإسلامية.
إن النقاش الهادئ العلمي الرزين مهم ومفيد جداً في الرد على
هذه الأطروحات.. ولكن يجب ألا يكون النقاش بارداً ولا مجاملاً.
ولا حيياً.
أن مجموعة المستنيرين من الأكاديميين والقانونيين أعضاء
بالأحزاب السياسية وممثلات تنظيمات طوعية واتحادات «مجموعة
منتدى جندرة الدستور» بالإضافة لإسهامات من منظمات ومجموعات
أخرى..» إلى آخر العبارة.. فتشت في القائمة الموجودة أسفل هذا
الكلام فوجدت على رأسها بلقيس بدري.. وعرفتها «ببدري» ومحجوب
عروة ولي به معرفة قديمة امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً.. وعرفت
أيضاً إسحق القاسم شداد ثم لم أعرف أحداً بعد ذلك، ولعل العيب
مني.. ولكن هل يكفي هؤلاء لإحداث انقلاب في المفهوم الإنساني
للذكر والأنثى أو الرجل والمرأة ؟؟
على وظائف النوع لأن هذا التغول هدم لمؤسسة الأسرة التي يضطلع
بها الرجل دون المرأة.. وفي تضييع الأسرة تضييع للمرأة ولنوعها
وجنسها.. إن تأخر سن الزواج عند المرأة يسمى العنوسة والمرأة
عانس ولكن تأخر سن الزواج عند الرجل لا يسمى عنوسة والرجل لا
يسمى عانساً.. بل لا تطلق عليه صفة.
وذلك لأن الفطرة والتكوين والناموس والشريعة والعرف جعلت دور
الرجل هو الإيجابي ودور المرأة هو التلقي.. وليس في ذلك عيب
لأنه هو سر الحياة.. وجمالها وروعتها.. وسؤال نوجهه لهؤلاء
الفتيات المتكأكئات: هل خدمات الرعاية الصحية وصحة الأمومة
والطفولة قضية جندرة؟ هل صحة الأم من اهتمامات وواجبات اتحاد
المرأة ورابطة المرأة العاملة أم هو من اهتمامات الأسرة والزوج
والأب والأخ والعم والخال؟
هل تذهب الأم إلى المستوصف تحت رعاية رابطة المرأة وتصحبها
رئيسة الاتحاد أم يصحبها زوجها وابنها وأخوها وأبوها؟
هؤلاء يتكأكأون ليطالبوا بحقوق المرأة كنوع وكأنثى والإسلام
والشرائع السماوية تحفظ لها حق الإنسانية.. وحق الأمومة وحق
التمتع بكافة استحقاقات الدور النمطي الذي خلقت من أجله: زوجة
وأمًا تقول الإصدارة «1» إن نسبة النساء لعدد سكان السودان 49%
وإن 90% من سكان السودان يعيشون تحت خط الفقر وإن 65% من هؤلاء
من النساء.
من الذي ساق المرأة لتكون تحت خط الفقر؟
هل المرأة كافلة أم مكفولة؟ من الذي أخرجها من كفالة الرجل أب
وأخ وزوج وابن وعم ليدخلها تحت كفالة الجندر؟
تقول الإصدارة «1»: واليوم لا يوجد بالبلاد أي قوانين أو لوائح
منظمة لمبدأ التمييز الإيجابي لصالح النساء أو التدريب الوظيفي
لتحقيق الاستيعاب المنصف خلال مدى زمني محدد».
هل يصدر هذا الخطل من وجدان سوي ومن عقل ناضج ومن إنسان عنده
قيم أو عنده دين؟
ما هو مفهوم التمييز الإيجابي؟
وما هو التمييز السلبي؟
التمييز السلبي هو أخذ حق المرأة وسلبها إياه بلا مسوغات.. وهو
مرفوض عقلاً وعرفًا وشرعاً..
وما هو التمييز الإيجابي إذن؟ هو أخذ حق الرجل وسلبه إياه بلا
مسوغات!! أليس كذلك؟ وهو مطلوب ومرغوب علمانياً وأممياً وكفرياً
وفسوقيًا وفجوريًا!! هذه أفكار مجموعة الجندرة.
إن المصطلح الصحيح والمعقول والمهذب هو شيء غير التمييز
الإيجابي إنه الخصوصية.. خصوصية الفطرة.. وخصوصية التكوين..
وخصوصية الدور والوظيفة.. وخصوصية العلاقة.. وخصوصية الأمومة
والبنوة والبعولة. إن هذه الخصوصية التي هي سر أسرار الإبداع
الرباني في بناء المجتمع الإنساني أمر لا يروق «لجندرمة»
المشروع الأممي العلماني التجاري السلعي الذي يجعل من القيم
ومن الأديان ومن التقاليد رتوشًا وزخارف ومحسنات بديعية لا
تغير ولا تبدل ولا تزيد من أصل المسألة شيئاً. إن التمييز
الإيجابي هو الشرائع والأصول والأحكام التي تجعل الدور النمطي
هو مملكة المرأة ومعراجها إلى السماء.. إن الشرائع قد ميَّزت
المرأة تمييزًا إيجابياً مستحقاً ونافعاً وضرورياً لها ولغيرها
ممن حولها من أهلها وأقاربها وغيرهم من الناس.
تقول الإصدارة رقم «1» لجامعة الخرطوم وهي تركز على دستور 5002
الذي تجاوزه الزمن وتجاوزته التجارب:
«وعلى صعيد آخر أكدت المادة 34 «1» على حق التملُّك لكل إنسان
دون تمييز».
وهل كان حق التملك لكل مواطن دون تمييز محتاجاً إلى المادة 34
«1» لتكون أساساً له؟ وهل تعرف «جندرمة» الأمم المتحدة أي شيء
عن أحكام الملكية الخاصة في شريعة الإسلام؟
إن الإسلام يؤسس بصورة واضحة وجلية أسباب التملك وطرق التملك
وأحكام الملكية ولا يفرِّق في ذلك بين رجل أو امرأة ولا بين
ذكر أو أنثى ولا بين صغير أو كبير، بل لا يفرِّق في احترام
الملكية بين مسلم وكافر ولا بين ملك وسوقة.. والإصدارة الأممية
لا توضح أوجه الاعتراض على أحكام ملكية المرأة وطرق تملكها في
المجتمع السوداني ولا في الدستور كل الذي توصي به الإصدارة هو
المطالبة بالمزيد من فرص التملُّك بالتمييز الإيجابي المبهم في
فهم «الجندرمة» أو بالدور السلعي الاستهلاكي الذي تبشِّر به
برامج الأمم المتحدة وتلحظات العلمانيين وطلاب اللذة والمتعة
الميسرة.. والإصدارة تتحدث بجهل فاضح عن أن قانون ملكية
الأراضي يحد بوضوح من حق النساء في التملُّك إلا في معية الزوج،
وهذا جهل فاضح وقد يصل إلى درجة الكذب الضار فإن «أصل المسألة»
هو أن قانون ملكية الأراضي يحد بوضوح من حق الرجل في التملُّك
إلا بمعية الزوجة وهو قانون استحدث في منتصف الثمانينيات عندما
ضمّن اسم الزوجة في ملكية أي أرض ينالها الزوج من خلال الخطة
الإسكانية باعتبار أن هذه هي مسكن الأسرة ولا يستطيع الزوج
التصرُّف فيها إلا بموافقة الزوجة.. مع أن الزوج هو الذي
يتحمّل مسؤولية سداد الأقساط كاملة لمصلحة الأراضي.. وهو الذي
يتحمّل تكلفة البناء والتشييد.. وهو مكلف شرعاً وقانوناً وطبعاً
وعرفاً بالإنفاق على الأسرة.. والمحاكم في السودان لا تحتاج
إلى مجهودات جامعة الخرطوم البئيسة لتبت في قضايا النفقة
لمصلحة الزوجة والأطفال.
ومع ذلك هو لا يستطيع في السرّاء أو في الضرّاء أن يتصرّف في
هذه القطعة أو المنزل إلا بعد موافقة الزوجة.. وويل له.. ويل
له إن حدثته نفسه الأمّارة بالسوء أن يتزوج على زوجته الأولى
صاحبة حق «موافقة الزوجة». إن هؤلاء الجندرمة الجدد يمسكون
الموضوع بالعرض إن «الجندرمة» الأممية لا تمانع في أن تدلّس ..
ولو دعت الحال إلى أن تكذب فلا بأس.. إنهم يقولون: لقد أخذت
الأسرة وليست الدولة الاضطلاع بمسؤولية الصحة، إذ ورد في بعض
الولايات أن قيمة إجراء العملية القيصرية بلغت خمسمائة جنيه
تدفعها الأسرة.. في الوقت الذي أكدت فيه توجيهات رئيس
الجمهورية مجانية مثل هذه العملية..».إن هذه القضية ليست قضية
جندر بصريح عبارة الإصدارة «تدفعها الأسرة» مع أن حقيقة الأمر
أن الذي يدفعها هو الزوج.. ومع ذلك فأين هي قضية الجندر هنا؟
أليست هذه قضية اجتماعية عامة يتساوى فيها الناس جميعاً.. صحيح
أن المرأة الحامل قد تتعرض لأخطار إلى درجة الوفاة بسبب عدم
تمكن إجراء العملية ورغم كل ذلك فإن هذا كله لا يجعل هذه
القضية قضية جندرة ربما جعلها قضية ظلم اجتماعي.. أو قصوراً في
أجهزة الحكم.. أو حتى قضية سياسية تؤدي إلى «الشعب يريد إسقاط
النظام» ولكنها قطعاً ليست قضية جندر ولن تخرج مسيرات وتظاهرات
تهتف بأن «المرأة تريد إسقاط النظام» أو إن «الجندر يريد إسقاط
النظام» أو «النوع الاجتماعي يريد إسقاط النظام» لسبب بسيط هو
أن هذه التظاهرات تقوي النظام ولا تضعفه.. لأن الجندر أو النوع
الاجتماعي إذا كان له أصلاً وجود فهو عبارة عن الجنس الثالث..
الذي هو لا ولد ولا بنت .. ولا هو رجل ولا امرأة .. ولا هو
حنظلة ولا بطيخة..
هو مجرد Tomboy أو «أُمْحُمَدْ ولد» يعجز عن دور الولد ولا يفي
بدور البنت.
إن الجندر قضية لا تهم أهل السودان.. ولا تشغل حيزاً من
تفكيرهم.. إن الفقر قضية إنسانية وليست قضية جندر.. والصحة
قضية إنسانية وليست قضية جندر.. والتعليم قضية إنسانية وليست
قضية جندر.. وكذلك الحرب قضية إنسانية ولا علاقة لها بالجندر
ليس هناك كائن يمشي على الأرض اسمه الجندر.. ولكنْ هناك كائن
مسخ يمشي على رجليه.. رجل يتشبّه بالنساء وامرأة تتشبه بالرجال.
إن مُلاّك المشروع الأممي السلعي الاستهلاكي يهزءون بجندرمة «العالم
الثالث» الذي سمى نفسه العالم الثالث ورضي الاسم لنفسه.. هؤلاء
المُلاّك يعلمون أنهم في حضارتهم وثقافتهم يطلقون على المتشبّه
بالنساء Girlish والمتشبهة بالرجال Boyish ولا يقولون في
معاجمهم وموسوعاتهم إن هناك نوعاً ثالثاً أو نوعاً اجتماعياً
اسمه الجندر.. ولكنهم يعلمون خفة رأس الجندرمة المنبطحة
المستكينة المستخذية ويعلمون أن لها نقطتي ضعف: واحدة في
أعلاها والأخرى في أسفلها فيحركونها منهما.. كما يشاءون.
إن هذه هي أخطر تقنية.. وأشرّ تقنية.. وأخبث تقنية عرفتها
البشرية.. إنها تقنية شيطانية.. تقنية البطن والفرج.. تقول
الجندرمة الانكشارية الانكسارية في الإصدارة رقم «1»:
«إنه بالرغم من الصورة القاتمة لواقع حال المرأة وحرمانها من
حقوقها الدستورية في التعليم والصحة والحياة العامة..» بالرغم
من أنهم يتكلمون عن دستور 5002 الذي ولى زمانه وبروتوكول
مشاكوس.. فنحن نسأل عن المواد التي نصت على حرمان المرأة من
حقوقها الطبيعية في التعليم والصحة والحياة العامة.
إن الحياة العامة التي يحلمون بها للمرأة ليست هي حياة
المنقبات ولا المحجبات.. ولاحياة «إلا ما ظهر منها».
إن المرأة عند هؤلاء مجرد سيقان وأرداف وأفخاذ وتبرج وسفور
وتهتك واختلاط ويختصرون كل ذلك في كلمة واحدة مفتاحية ينحتونها
نحتاً يسمونها «الخلط».. إن مرجعيات هذه المجموعة البئيسة
التعيسة هي أفكار الأمم المتحدة وبروتوكول مشاكوس ودستور 5002
وصحيفة الميدان لسان حال الحزب الشيوعي وإحصاءات موقعي وزارة
التربية والتعليم ووزارة الصحة.. وورقة أعدتها أحلام ناصر «من
هي؟» ومساهمات أعضاء لجنة منتدى جندرة الدستور وفي ذلك الغنى
كل الغنى عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي
الصحابة والتابعين.. بل والقامات السامقة في الفكر والفقه
والدعوة في غابر عصور أمة الإسلام وحاضره ويكفي لهدم الحياة
الماضي والمستقبل الاستهتار بمجموعة من النكرات والشبان
والشابات ممن هم بلا سبق ولا سن ولا يعرفهم أحد ولربما لو أن
أحد أقربائهم أو معارفهم قرأ اسماً منهم في هذه الإصدارة لظنه
تشابه أسماء ولم يصدق أنه ذات الشخص الذي يعرفه.ثم ندلف إلى
الإصدارة الثانية «2» وهي بعنوان: (مشروع وثيقة دستور يراعي
منظور النوع الاجتماعي «الجندر» أغسطس 1102) وقبل أن أبدأ في
عرض وتحليل ونقد محتويات هذه الوثيقة الخطيرة التاريخية أقول
للسيد مدير جامعة الخرطوم:
أنا على أتم استعداد للاعتذار علناً وكتابة وفي سائر القنوات
والإذاعات والصحف.. بل وعلى أتم استعداد لتقبيل رأس مدير
الجامعة بل وقدميه.. فقط أريد منه مبرراً واحداً أو مسوغاً
للزج بالجامعة الصرح والرمز والمفخرة في هذا العمل الوصمة
والفضيحة والذي يزداد سقوطاً وشناعة بمقاطعته لكتاب الله
سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إرضاءً للأمم
المتحدة واستغناءً بدولار الأمم المتحدة وتحدياً لتاريخ الأمة
واستخفافاً بتراثها وميراثها.. هذه الإصدارة رقم «2»
تذهب بعيداً في الإسفاف والاستخفاف وإظهار البله والعبط ـ إن
صح التعبيرـ والضحالة الفكرية وخفة الرأس المشهورة لدى ناشطي
حقوق المرأة من أيام قاسم أمين وغيره من صرعى حضارة البطن
والفرج.
وصفحاتها محلاة وموشاة ومزدانة بالرمزين اللذين يدلان عند أهل
علم البيولوجيا إلى الذكر.... والأنثى.......
وتحمل عناوين مثل: المواطنة، والديمقراطية، والمشاركة السياسية،
وأهمية مشاركة النساء في كتابة الدستور الجديد، ومفهوم النوع،
من الذي يحكم وكيف يحكم، الاعتراف بالتنوّع، موضع حقوق المرأة
في الدستور. مع أن هذه العناوين تُثير علامات استفهام كثيرة
حول جدية الورقة وحسن إدراك معدِّها أو معديها لأهدافها
وقضاياها.. ولكن فوق ذلك فإن الورقة تثير السخرية والشفقة من
الضحالة التي يُظهرها هؤلاء القوم.. وهم يتيحون لخصومهم فرصاً
ذهبية للتندُّر بهم والسخرية منهم.
يقولون تحت عنوان: «الديمقراطية».
الديموقراطية تعني اختيار المواطنات والمواطنين لمن يمثلهم في
البرلمان.. بتقديم مفردة المواطنات على مفردة المواطنين.
وأظن أن معدي الورقة يعتبرون ذلك من التمييز الإيجابي لصالح
المرأة وتعبير التمييز الإيجابي في الحقيقة مأخوذة من «سيداو»
ومنقولة نقلاً أرعنَ وبدون تروٍّ.. وبدون تبصُّر..
وهذا التقديم هو خلاف العرف والعقل والدين واللغة فالقرآن يعطي
نماذج كثيرة مثل المؤمنين والمؤمنات، والتائبين والتائبات
والصائمين والصائمات والمتصدقين والمتصدقات والذاكرين الله
كثيراً والذاكرات... إلى غير ذلك من عشرات النماذج والشواهد
ولو أن معد الورقة كان صادقاً مع نفسه أو أنه أكمل شعار السخف
اللغوي إلى غايته لكان أحرى من أن يقول:
«الديمقراطية تعني اختيار المواطنات والمواطنين لمن تمثلهن
ويمثلهم في البرلمان ومن يحكمهن ويحكمهم بحرية كاملة ولهن ولهم
الحق في تغييرهن وتغييرهم بعد كل فترة زمنية يحددنها ويحددونها
في القانون» إلى آخر ما قال.. ولو أني أبحت لنفسي الاستمرار في
كشف هذا السخف لجعلت من هذه الورقة أضحوكة ومسخرة أن هؤلاء «الجندرمة»
مع كل هذا التخليط يمكنهم أن يعرفوا الحق ويقروا به.. وأسوأ ما
في الأمر أنهم بعد الإقرار به يخالفونه ويتجاوزونه.. لأن الحق
لا يتناسب مع الأجندة الأممية التي تعتمد على تقنية البطن
والفرج.. لذلك نجد هؤلاء يدلسون ويدغمسون بل ويكذبون في كثير
من الأحيان حتى يرضعوا الدولار الأممي التافه والقذر.
لقد «تجندرت» الإصدارة رقم «2» أكثر من سابقتها.. إذ جعلت
علامة التأنيث والتذكير تطغى على كل صفحة من صفحات الإصدارة
ولكنها إمعاناً منها في الحطّ من الجنس الآخر «الخشن» ومن
الازدراء به جعلت علامة التأنيث شامخة ومرتفعة إلى أعلى بينما
علامة التذكير مستخذية وحانية رأسها إلى أسفل. وكل ذلك من باب
الهوس الديني الذي يتهمون به سواهم.
قلنا إن هؤلاء الجندرمة يجوز لهم أن يعرفوا الحق ولكنهم لا
يتصرفون بمقتضى هذه المعرفة.. بل يتصرفون أممياً ودولارياً في
باب الأسس التي يقوم عليها الدستور وفي باب مصادر التشريع
استنطقوا د. الطيب زين العابدين عن مقاصد الشريعة وبين لهم
أنها خمسة وهي «حفظ الدين «أي عدم تزويره»، حفظ النفس، حفظ
النسل، حفظ العقل وحفظ المال.» وقالوا هي أعز ما يملك المرء
ويحافظ عليه أياً كان دينه ولا ينبغي أن تتعارض الأحكام
الفرعية مع مقاصد الشريعة بحال من الأحوال.. وهذا كلام جميل
ومنضبط.. لكنهم سرعان ما انتكسوا وارتكسوا وأضافوا أن حقوق
الإنسان هي «إجمالاً وبوجه عام مجموعة القيم والمبادئ المشمولة
بصكوك دولية وفق معايير عالمية والتي لا يمكن للناس من دونها
أن يتمتعوا بكرامتهم كبشر.
ويقولون: «حقوق الإنسان بهذا المعنى هي أساس الحرية والعدالة
والسلام ومن شأن احترامها أن يتاح استخدام وتنمية إمكانات
الفرد المادية والروحية بصورة مثلى».
ليس ذلك فحسب بل أوردوا قائمة بأسماء الوثائق الأممية التي
أقرت هذه الحقوق وهي: «الشرعية الدولية لحقوق الإنسان» «الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان 1948م «العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية 1966م» و«العهد الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966م» إضافة إلى جمهرة من
الصكوك الدولية التي تنص على ما ينبغي وما لا ينبغي للحكومات
أن تفعله لاحترام حقوق مواطنيها».
إن الدين الذي تدين به مجموعات الجندرمة هذه هو دين الأمم
المتحدة وقرآن هذا الدين هو صكوك الشرعية الدولية وكل صك يمثل
سورة من هذا القرآن الوضعي وكل بند أو مادة في كل صك يمثل آية
من آيات هذا الكتاب.
لذلك كما يفعل المتدينون فالوثيقة رقم «2» تستشهد بهذه النصوص
وهذه العهود والصكوك ولكنها عندما تتحدث عن الحقوق الخمسة لا
تستند إلى نص من كتاب الله سبحانه وتعالى ولا إلى حديث ولا نص
من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يستمر تخليط هذه
المجموعة الذين يخلطون عملاً حسناً وآخر سيئاً.. فهم يقولون عن
خصائص حقوق الإنسان.
{ متأصلة في كل فرد من حيث هو إنسان
{ واحدة بالنسبة لجميع البشر أي ذات طابع عالمي، وذلك بغض
النظر عن العنصر والجنس والدين والأصل الوطني أو الاجتماعي، أو
الرأي السياسي أو غيره فالناس جميعاً يولدون أحراراً ويتساوون
في الكرامة والحقوق.
{ ثابتة كحزمة غير قابلة للتجزئة في كل الأحوال وغير قابلة
للتصرف فلا يحق لأي من كان أن يحرم غيره منها وحتى لو لم تعترف
بها قوانين البلد المعين، كما أن هذه الحقوق تلازمها واجبات
تقتضي احترام حقوق الآخرين.
هذه الخصائص لا تختلف في كثير ولا قليل عن نظرة الإسلام
الشمولية لحقوق الإنسان.. بل لعلي لا أعدو الصواب لو قلت إن
هذه الخصائص مستمدة من نصوص الكتاب والسنة بلا اعتماد على مصدر
آخر أياً كان نوعه.. لأن أي مصدر آخر سوى نصوص الكتاب والسنة
معرض للتصرف والتبديل والتغيير.. لأنه كله من وضع بشر.. والبشر
يزدادون علماً يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام ودهراً بعد دهر
فلا عيب في أن يبدو لهم من العلم والمعرفة ما لم يكن متوفرًا
قبل.. وواضح جداً من جملة الخصائص التي لخصتها الإصدارة «2»
فإنه لا دخل للجندر في مسألة حقوق المرأة ولا حقوق الرجل إنما
هذه هي حقوقهم الإنسانية.. وليس هناك لأي واحد من الجنسين حقوق
أخرى إلا فيما يتعلق بالخصوصية، ويجب أن نتأكد أن الخصوصية
المتعلقة بالدور النمطي للرجل أو المرأة تعتبر حقاً ثابتاً
وراسخاً.. وهي في ذات الوقت واجب على من يتمتع بها.. أما
الخصوصية المتعلقة بالمسائل الأخلاقية والإنسانية والأعراف
والتقاليد والمروءة والشهامة فهي لا تعتبر حقًا إلا بمقدار
التزام المجتمع بها طوعاً واختياراً ودون إكراه أو إلزام.
مثلاً الخصوصية تقتضي أن تجلس المرأة في المركبة العامة على
حساب الرجل إذا ضاقت المقاعد.. ولكنها ليست حقاً لها.. وهي مع
ذلك ضرب من التمييز الإيجابي الذي لا يفرضه القانون لأن كلا
الرجل والمرأة ملزم بسداد قيمة الرحلة من حُر ماله ولذا فهما
متساويان في الحقوق ولا يجدي أن نتعسف مع الرجل ونلزمه بالقيام
لتجلس أخته المرأة لأن هذا عين الظلم.. وعين التمييز السلبي
والضار.
كذلك إذا التقى الرجل والمرأة في سفر في رفقة مأمونة أو مع
مجموعة محارم فإن التكاليف الشاقة تقع كلها على كاهل الرجل وهو
ضرب من ضروب التمييز الطوعي والاختياري الذي يتنازل فيه الرجل
عن حقه..لأخته المرأة غريبة كانت أو قريبة.
وإمعاناً في الأخذ بالهوس الديني الأممي العلماني فإن الاصدارة
«2» تعنون:
د/ واجبات وحقوق المواطنة والمواطنة وكيفية أدائهما لواجباتهما.
مع إن هذا الهوس لا يأتي متسقاً ومطرداً في كل ما صدر عن
مجموعة الجندرمة.. ولكنها تعنّ لهم أحياناً فيصرون على تأنيث
المفردة بالرغم من قاعدة تغليب الذكر على الأنثى في الخطاب على
الإطلاق سواء قلوا أو كثروا فلو أن ألف أمرة ومعهن رجل واحد
فلا تقل جئتنّ أو أهلاً بكنّ ولكن قل جئتم وأهلاً بكم.
مطلق الذكورة على الأنوثة
المطلقة
وأنا أوجه خطابي هذا لمدير جامعة الخرطوم ـ إن كان لها مدير ـ
وإلى مجلس أمنائها ـ إن كان لها أمناء ـ كيف تخاطبون أمة
الإسلام بهذا الصلف وهذا التعالي وهذا الغرور.. وكيف تسمحون
لمن يخاطب أمة الإسلام عبركم مثل هذا الخطاب؟ هذا المنبر ليس
ملكاً لكم ولا ورثتموه من أسلافكم.
أنا أقبل من مدير الجامعة أن يدّعي الغفلة.. وأن هذه الوريقات
مرّت عليه دون أن يشعر.. وأقبل من مجلس الأمناء أن يجأر أعضاؤه
بمُر الشكوى من كثرة اللجان والمجالس والإدارات التي فُرضت
عليهم حتى إنهم مضطرون لإهمال بعضها.
أقبل ذلك حتى لا أتهمهم بأنهم تركوا دين الله وراءهم ظهريا
وأنهم يفعلون ذلك لعلة أصيلة فيهم أو لأن جهة أممية «ماسكة
عليهم زلة».
فإن لم يكن شيء من ذلك على الإطلاق.. فلا بد إذاً أن يكونوا هم
«ماسكين على الإنقاذ زلة» بمعنى أن الأمر كله يدخل في باب
السيطرة.. وهو أمر يحسنه الأمميون والعلمانيون عبر الرشاوي..
والفساد الإخلاقي.. والماسونية.
أقول ذلك بسبب ما قرأته في الإصدارة «2» في صفحة 10 بالرقم
«6».
{ لجعل الدستور مراعياً للنوع الاجتماعي يجب أن ينص ذلك
الدستور صراحة ومن غير لبس على الآتي فيما يخص:
«أ» باب الحقوق والحريات السياسية والمدنية..
ما هذا الهوج؟ ما هذه الرعونة؟ هل هذا طرح فكري أم تعليمات
تصدر من غرفة عمليات أو مجلس قيادة انقلاب؟
هل هؤلاء علماء أم مجرد «شماشة»؟
«يجب» أن ينص الدستور «صراحة» و«من غير لبس» على الآتي!!
وكل هذه التعليمات والأوامر والتهديدات.. من أجل ماذا؟ تصوروا!!.
{ «الالتزام بالحريات وحقوق الإنسان كما جاءت في الشرعية
الدولية وإعمال مبادئ التمييز الإيجابي.
{ منع التمييز بكافة أشكاله بما فيها التمييز على أساس النوع
الأصل العنصري، أو الاجتماعي، اللون، الرأي السياسي، الدين،
اللغة، الإعاقة، الوضع الصحي، الوضع الصحي الحمل ، العمر
إذا كان هذا ما تأمركم به الشرعية الدولية فليمصص جميعكم
«.......» الشرعية الدولية.. قبح الله مسعاكم وخيّب آمالكم أما
تقرأون كتاب الله؟ أما تصلون؟ أما تصومون؟.. أين قرأتم عن
النوع والجندر والنوع الاجتماعي؟ في أية سورة؟ أم في أية آية؟
أم في أي حديث؟
أتعبدون رباً سوى الله؟ أم لعلكم تنكرون البعث والنشور والجنة
والنار؟ أم لعلكم من الذين يتمنون أن يمد الله في عمر «ترابيكم»
حتى يرى المرأة إمامة في الصلاة قبل أن تكون رئيساً للجمهورية؟
إمام للصلاة له عجيزة؟! ورئيس للجمهورية يحيض وينفس «ويربض»
ويطلق ويعتد.. ويقصده الخطّاب!!
أجسام البغال.. وأحلام
العصافير
كيف بالله عليكم يكون حال البلد إذا طلقت رئيسة الجمهورية أو
مات عنها زوجها..
أفٍ لكم ثم أفٍ.. أجسام البغال وأحلام ربات الجمال!
ما هذا الذي تنشرون أيها الجندرمة الأممية المستغفلة؟
كيف لا يكون تمييز بسبب الإعاقة؟ ألا يشترط فيمن يولى أمر
الناس سلامة الأعضاء وسلامة الحواس؟ وما هو المدى المسموح به
من الإعاقة: القدر أم الفرج أم الشلل النصفي؟وما قولكم في
العمى؟ والصمم والبكم والكساح؟ وما قولكم فيمن اجتمعت فيه بعض
أنواع الإعاقة أو جلها أو كلها.. ما نراكم قائلين فيه؟
فعلى قياسكم هذا الخائس الذي يعتمد الشرعية الدولية والنوع
الاجتماعي والجندر ولاحظ له من النظر في الكتاب ولا في السنة
ولا في العقل..
فيجوز تولية أمرأة عمياء، بكماء صماء، مفلوجة، كافرة، ... إلخ
وتوقفت من بقية منظومة الشروط الأممية احتراماً للقراء لا
احترامًا لكم فالذي تطلبونه يخدش الحياء ويخدش المروءة.. ويخدش
الشرف.. وتطلبون أيضاً صفحة «11»:
{ التأكد من أن القوانين لا تتعارض مع الدستور وتتوافق مع
المواثيق الدولية والاتفاقيات وحقوق الإنسان والبروتوكول
الإفريقي والاتفاقيات الدولية خاصة الاتفاقيات رقم 105، 115،
116، 183..
وأي إنسان مهما بلغت به درجة الغباء والغفلة يفهم هذا النص
المحكم أن قوانين الجندرة المطلوبة والواجبة التطبيق يجب ألا
تتعارض مع المواثيق الأممية وإن تعارضت المواثيق مع الكتاب
والسنة، ومعناه أن القوانين يمكن ويجوز ويحتمل وربما لا بأس أن
تتعارض مع الكتاب والسنة ومع شريعة الرحمن ومع أعرافنا
وتقاليدنا وتراثنا هل هذه جندرة أممية؟ أم يا ترى ببغاوات
أممية؟
والله لقد تكاثرت عليّ صفاتكم ومزاياكم وخصائكم ومآثركم حتى
كدت أعجز عن اختيار ما يناسب المقام أو المقال!!
ونعود إلى هذركم وإسفافكم وغفلتكم حيث تريدون أن تحسنوا إلى
المرأة فتسيئوا إليها.. فتقولون من باب الحقوق الاقتصادية ص
«12»:
{ العمل حق لكل مواطن ومواطنة ولا يجوز الحرمان منه وعلى
الدولة توفير العمل وحماية ذلك الحق.
أولاً وقبل السقوط الأخلاقي نجبهكم بالسقوط الأكاديمي..
«وعلى الدولة توفير العمل» من الذي يقول بهذا؟ من قال إن على
الدولة أن توفر العمل لكل مواطن.. ومواطنة؟ وهل حق العمل الذي
تتحدثون عنه بكل هذا الغباء هو حق الحصول على وظيفة ديوانية؟
وهل يجب ذلك على الدولة للرجال أيضاً؟
فمن أين يجيء النجار والزراع والصناع والعمال؟ ومن أين تأتي
ستات الشاي؟ وهل لكل مولود يولد في الدولة وظيفة محجوزة باسمه
في السجل المدني ينالها متى يشاء؟
مالكم كيف تحكمون؟!
مالكم تبخسون المرأة أشياءها؟
إذا كان العمل حقاً للمرأة على الدولة.. فماذا تكون القوامة؟
والقوامة مادتها الأولى الإنفاق.. فمن أين ينفق عليها الزوج
إذا كانت تنافسه وتزاحمه في الوظيفة بقوة الدستور؟
وطبعاً كل المعايير الأممية الأخرى لصالح توظيف المرأة.. بدءًا
من ما يسمى بالتمييز الإيجابي.. والتبرج.. والتحرر.. والخروج
على الأعراف بما فيها الولاية وطاعة الأب والزوج.. يعني
باختصار تحويل المرأة إلى شيء تافه وسلعة رخيصة وسهلة وفي
المتناول.
إن أصحاب هذه الأوراق والإصدارات ليسوا من أنصار المرأة حقيقة
وصدقاً.. إنهم قوم لهم أجندة.. وأجندة خطيرة ومدمِّرة ومهدِّدة
للوجود الإنساني بأسره.
فإذا تصايحوا وأعولوا وأقسموا الإيمان المغلظة بأن غرضهم شريف..
قلنا لهم.. نعم.. وجميل صدقناكم أن غرضكم شريف إذاً فأنتم
مغفلون..
وألطف ما يمكن أن توصفوا به أنكم «سماسرة»
توفرون السلعة لطلابها الأمميين.
والسمسرة في هذا المجال لها اسم آخر..
وأنا أُجل قرائي من أخدش سمعهم أو بصرهم بإيراده..
الإصدارة رقم «3»
بعنوان: وضع المرأة في الدستور المقبل:
النوع وقضايا الحكم الراشد
وهاكم تصور هذه المجموعة لمفهوم الحكم الراشد ومن
أين تستمد مكوِّنات وخصائص الحكم الراشد، وكما قالوا الجواب
يكفيك عنوانه، فنكتفي في هذه اللحظة بالعناوين:
ـ الحكم والإدارة الرشيدة في المفهوم الدولي
ـ الحكم والإدارة الرشيدة في الدستور الانتقالي 2005
ـ تحليل نظام الحكم القائم في ضوء المعايير الدولية للحكم
الرشيد
ـ قضايا النوع والحكم في الدستور القادم
ـ نظام الحكم في الدستور المقبل من منظور النوع
إن الهدف الحقيقي من وراء هذا المجهود الجبار والذي تتضافر في
إنجازه قوى الشر العالمية والمحلية هو علمنة الدستور وليس
جندرة الدستور.. وبالرغم من أن جندرة الدستور رؤية مرفوضة جملة
وتفصيلاً إلا أنها في تقدير «مجموعات منتدى جندرة الدستور» أقل
صخبًا وأقل ضوضاءً من علمنة الدستور». ولكن خاب فألهم فالجندرة
والعلمنة تخرجان من نفق واحد.
إن القضايا التي تتحدث عنها هذه الإصدارات قضايا عامة لا متعلق
لها بالجنس ولا بالنوع بل هي قضايا إنسانية اجتماعية وسياسية
واقتصادية وأخلاقية ومرتبطة بالمفارقة التي تحدث عادة في أنظمة
الحكم بين النظرية والتطبيق.. فالإنقاذ مثلاً لا تُخفي على
الدنيا بأسرها أنها تحكم بالشريعة الإسلامية.. ولكن إذا نظرت
إلى التطبيق تجد أن الإنقاذ أكثر علمانية من بعض الأنظمة التي
تصرِّح بأنها علمانية..
ولكن «الجندرمة» الأمميين لا يحتملون الإسلام حتى ولو كان مجرد
شعارات لتطييب الخواطر وترطيب الدبلوماسية.
إن السادة والسيدات الذين ساهموا في إعداد هذه الرؤية البئيسة
حول الحكم والدستور واعتسفوا دوراً للجندر في نجاح الحكم مع أن
الجندر نفسه مفهوم غريب على السياسة وعلى الاجتماع وعلى
الاقتصاد وعلى الأخلاق وهو دائماً يحرِّك مشاعر سالبة وظنونًا
وأوهامًا واستهجانًا.
إن مفهوم الجندر مُقحم إقحاماً ليس له أي سند من عقل ولا نقل..
بل يمكن القول إنه محاولة عبثية من مجموعة لا تحترم الفكر
الإنساني.. ولا ترى في قيام الحضارات وسقوطها أبعد من أرنبة
أنفها وليس غريباً ولا مدهشاً على مجموعة مثل هذه أن تطلب في
الحكم الراشد ضمن أشياء أخرى ما يلي:
ـ عدم التهميش والتمييز والتعالي والهيمنة عند اختيار أعضاء
المحكمة الدستورية، المفوضيات، الوزراء المستشارين.. وذلك من
خلال التأكد من التمثيل العادل الجهوي، الجندري، الاثني،
الحزبي والمجتمع المدني والأهلي.
هل يفهم أحدكم بالله ما هو معنى وما هو مضمون التمثيل الجندري؟
إذا كانوا يقصدون إسقاط النظر إلى الذكورة والأنوثة عند ملء
الوظائف الشاغرة فإن التعبير لا يفي بالغرض زيادة على أن
التطبيق مستحيل.. لأن إلغاء الفرق بين الذكر والأنثى لا يملكه
بشر ولا نظام ولا مجموعة.. وقد قررته مشيئة الله الحكيم
وسيحاسب الخلائق يوم القيامة تحت جملة من الأصول.. من ضمنها
الذكر والأنثى..
«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً
وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير».
والإصدارة رقم «3» تتحدث فيما تتحدث عن خطر التمييز المنظم..
وتشير إلى عدم التوازن في فرص حصول وسيطرة النساء على الموارد
مقارنة بنظائرهنّ الرجال وتتيح استخدامها في معالجة هذا الخلل
ومكافحة التمييز المنظم وغالب ما تعاني منه النساء أليس من
الخبل والبله التحدث عن التمييز المنظم؟! وهل هناك تمييز منظم
أكثر من محاولات النساء الممتدة عبر عقود وأجيال في تكوين
الاتحادات النسوية والروابط ومجموعات الضغط ومنها لم نسمع ولو
مرة واحدة بأن الرجال شكلوا أو فكروا في تشكيل رابطة تحمي
نوعهم.
والسبب في غاية الجلاء والوضوح وهو أن الفطرة هي التي تعمل لا
التنظيم ولا الترتيب ولا الأجندة الأممية والعلمانية.
إن مخالفة الطبيعة ومغالبة الفطرة لن تؤدي إلا إلى الفشل
الذريع.. فابشروا أيها الأمميون العلمانيون بما يسوؤكم..
فالله سبحانه وتعالى يقول «وليس الذكر كالأنثى». وأنتم تقولون
«الذكر كالأنثى».
والله يقول «فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله»
وأنتم تقولون« فالصالحات ناشطات عاملات داخلات مارقات كاسيات
عاريات مائلات مميلات دبلوماسيات سفيرات ناشزات إمامات للرجال
في الصلاة». وفي الختام نحن نرى مكمن الخطر ونعرف دور الإنقاذ
سلباً وإيجاباً.. ولا نطلب من الإنقاذ شيئاً ولا نحرضها على
أحد.. ولكن نذكِّر بقول الله سبحانه وتعالى «وإن تتولوا يستبدل
قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم».
مقالات
أخرى:
ختان الإناث.. في شريعة الإسلام
|