وثيقة
السياسة السكانية2012 فى السودان
فى ميزان الشريعة الاسلامية
د. سعد أحمد سعد
صحيفة الانتباهة السودانية
واو النسوة فى المجمع الفقهى :
يتساءل البعض في استغراب وحيرة.. ما هو واو النسوة؟ وما هو
معناه وما هو مدلوله؟
قلت لهم إن نسوة السودان ـ الناشطات منهنّ طبعاً وليس جميعهن
والمدسترات منهن من درجة وزير «المناصب لا تؤنث وليس الذنب
ذنبي» وأمين عام ونائب رئيس ـ نسوة السودان قد
نضون عنهنّ النون التي ظلت على مدى دهور تعرف بنون النسوة
واتجهن صوب الواو «الضكر» كما تقول العجائز عندنا واخترعن
الجندر وهي منزلة بين المنزلتين يعني «مُحمد ولد» وهي كلمة
واحدة في لغتنا و«Tomboy» وهي كلمة واحدة في لغتهم.. إذن فضمير
الكون كله متفق ومتناصر على شتم الجندر ولعنه بلا نظر إلى عرق
ولا لغة ولا ملة..
ولما كان الحياء صفة بل طبيعة نسوية أنثوية غالية ولما كان
الجندر ضد الحياء فقد انتقل الحياء إلى الرجال. قامت بعض نسوة
سيداو بالتقدم إلى المجمع الفقهي بالسياسة بوثيقة سمّوها «كان
ينبغي أن أقول سمّينها وأنا لو تعلمون لا ألحن أو قلما ألحن»
وثيقة السياسة القومية للسكان لعام
2012
ولما كانت الوثيقة متجندرة وينقصها الكثير من الحياء الأنثوي
ولما كان طيب الذكر الحياء قد قرر مغادرة وطنه الأم إلى وطنه
الأب فقد قابل المجمع الفقهي الوثيقة بالمزيد من الحياء والأدب
والتهذيب. ولكن ذلك لم يمنعه من قول الحق.. وقد قاله بطريقة «الله
يرحم أبووووووووك يا شيخ» عندما تقولها بامتعاض وتبرم بالضغط
على الواو في أبوك. لماذا الواو؟ سبحان الله!! هل هي مجرد صدفة؟
وأول ما فعله المجمع الفقهي أن حدد معيار توازن يقوم على ثلاث
شعب.
1/ عقيدة الإيمان الخالصة بكفالة الله الرزق لجميع الخلق
2/ حض الإسلام على نمو السكان «التناسل والتكاثر»
3/ إعمار الأرض فريضة عند المسلمين على القادر على العمل.
وأشار إشارة لا تخفى على أحد في الفقرة الخاصة بسياسات توازن
نمو السكان فقال في البند «5»
5/ تؤكد على استقلال السياسة القومية للسكان عن موجهات مؤتمرات
السكان الدولية «القاهرة ـ بكين ـ اتفاقية سيداو» وحماية قيم
ومعتقدات الأمة السودانية وخصوصيتها. وبهذا يكون المجمع الفقهي
قد هدم الأساس الذي قامت عليه السياسة القومية للسكان عام
2012..
وزيادة على ذلك توالت الصفعات المهذبة والركلات القانونية حتى
امتلأت الوثيقة بالقروح والدمامل ورد المجمع الفقهي بمزيد من
التهذيب والأدب والمنهج العلمي. المرجعية السودانية للسياسة
السكانية فقال: «أحكام الشريعة الإسلامية مرجعية السياسة
القومي للسكان...» إلى آخر الفقرة مما عرّى العلمانيين
والعلمانيات والناشطين والناشطات في الجمعيات «القسرية» وليس
الطوعية وفي الوزارات وعلى رأسها وزارة الرعاية والضمان
الاجتماعي.. ولم يقف المجمع في تهذيبه عند هذا الحد.. بل عدد
بصورة علمية رصينة المرتكزات الإسلامية في.
1/ موافقة التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة.
2/ موافقة خصائص السودان: الإنسان ـ الأرض ـ الموارد
3/ مبدأ إعمار الأرض فريضة على القادر على العمل.
4/ قيم الرشد الأخلاقي والسلوك المستقيم
5/ التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
6/ قيم العمل والكسب المشروع ومحاربة الفقر
7/ تحسين البيئة وحماية الموارد الطبيعية
8/ درء المفاسد ودفع الضرر وجلب المصالح
باختصار هذا معناه أن شيوخ المجمع الفقهي ليسوا مجرد عمائم
ولحى وعلماء حيض ونفاس.. بل نحن كل ذلك علم وفقه وحكمة وأدب جم
وخطاب متوازن ومعرفة بحق الله وحق الإنسان.. فما الذي سوف
تصنعه الناشطات الكريمات؟ سوف نرى.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما في الرؤية الإسلامية العامة فقد قال المجمع الفقهي قولاً
هو عين ما رميت إليه من تهذيبه وحسن خطابه «وفق المرجعية
والمرتكزات أعلاه وردت في وثيقة السياسة القومية للسكان
مصطلحات ومفاهيم وتصور يحتاج إلى نظر وإصلاح وفق أحكام الشريعة
الإسلامية في المحاور الآتية: محور رقم «1» المبادئ ـ
المرتكزات ـ المرجعيات
محور رقم «2» الهدف الإستراتيجي
محور رقم «3» الأهداف
إن ترجمة هذه الرطانة المهذبة والمؤدبة إن هذه المحاور الثلاثة
فيها ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والدليل على ذلك أن
المجمع قال تحت هذه العبارات مباشرة وردت في الوثيقة محاور
موافقة للشريعة الإسلامية «لمرادها»
وهاكم بعض التفضيلات في استدراكات المجمع.
في المبادئ في فقرة حرية الزوجين قال المجمع: في قواعد الفقه
الإسلامي علاقة الزوجية حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين
تحكمها أحكام الشريعة الإسلامية. أتدرون إلى أي شيء دعت فقرة
حرية الزوجين: دعت إلى النشوز، وأنا لست المجمع الفقهي.. أنا
أسمي الأشياء بأسمائها وأنا لا أملك إلا أن أفعل ما أفعل وأقول
ما أقول، فأنا ممتلئ غيظاً وسخطاً على العلمانيين والعلمانيات
وأكثر ما يغيظني أنني ظللت منذ قرابة عشر سنوات أجرد أسلحتي ضد
من «أعلاها صدى وأسفلها دمى» ولكن الوزر على الإنقاذ لا عليّ
فأنا أرجو والله أن يكون غيظي في الله وسخطي في الله.
تقول الفقرة حرية الزوجين في السياسة السكانية: حرية الزوجين
في اتخاذ القرارات الخاصة بهما وتفضيلاتهما في حجم الأسرة وهذا
نص مضلل ومعمم ومتميع وذلك كله مخصوص فعبارة في حجم الأسرة
جاءت لمزيد من التعمية.. فلا يدري من النص أن المقصود الحرية
في كل ما ذكر أم فقط في حجم الأسرة وقديماً قال الحجاج «الأستاذ
المربي حسن أحمد الحاج طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة فقد كان
نعم المربي» قال مخاطباً المحكمة التي كانت تحاكم بعض طلاب
حنتوب الثانوية:
أنا أدين تدخل البوليس الأرعن في مدرستي.
ودار جدال هل المقصود التدخل الأرعن أم البوليس الأرعن!!
والسؤال موجه إلى بروف ست النفر.
حرية اتخاذ القرار تشمل السكن.. والعمل.. والإنجاب.. والحجاب..
والسهر في ملاحظة أن الوثيقة لم تتحوط بالعبارة الملزمة «وفق
أحكام» الشريعة الإسلامية .
ونواصل فيما بعد والله المستعان..
ماذا قالت وثيقة السياسة السكانية لعام 2012 حول ما سمّته
العدالة بين الجنسين؟ وماذا قال المجمع الفقهي وماذا يقول أصل
المسألة؟
قالت الوثيقة في المبادئ 1/2 فقرة العدالة بين الجنسين: «العدالة
بين الجنسين وبين الأجيال وداخل الجيل الواحد ركيزة جوهرية
لتحقيق أهداف السياسة القومية للسكان» وعبارة الوثيقة تقصد
بالجنسين الذكر والأنثى أو الرجل والمرأة وهو تعبير خاطئ في
اللغة، قال في لسان العرب: الجنس الضرب من كل شيء والجنس أعم
من النوع والإبل جنس من البهائم والحيوان أجناس: فالناس جنس
والإبل جنس والبقر جنس والشاة جنس ومع أن كلمة الجنس استخدمت
استخداماً لا يوافق اللغة فمع ذلك فإن المقصود من العدالة غير
مفهوم وغير واضح.. ومن هو المخاطب بالعبارة هل هو أصل الأشياء
والأحكام أي التشريع والمشروع أو لعل المقصود القانون والتطبيق
والتظالم بين الناس. أما بالنظر إلى الخروقات الكثيرة في أديم
السياسة السكانية والتي أشار إليها تقرير مجمع الفقه الإسلامي
فلا يستبعد أن يكون في الفقرة ازراء وغمز لما أقرته الشريعة
الإسلامية من العدالة القائمة على الخصوصية والتي لا تقر
المساواة المطلقة التي تجأر بها نساء سيداو والأمم المتحدة
وحريمات بني علمان.
ومن الغريب والمدهش ولكنه يبعث على الطمأنينة أن ننظر في قول
المجمع الفقهي حول هذه الفقرة فنجده يقول: «الجنس البشري في
المفهوم الإسلامي جنس واحد من نوعين والعدالة بين النوعين من
أصول التشريع الإسلامي واحترام خصوصية النوع أساس من أسس
العدالة في الحالات التي يحددها التشريع الإسلامي». لا حظوا
التطابق في المعنى بين ما قاله لسان العرب وما أورده مجمع
الفقه الإسلامي حول أن الجنس البشري جنس واحد ويكون من نوعين
أي الذكر والأنثى. وغني عن القول إن الفرق كبير بين العدالة
والمساواة، فالعدالة قد تكون في عدم المساواة وقد تكون
المساواة هي عين الظلم. كذلك تقول الوثيقة في محور المرتكزات
وفي فقرة الأسرة «الأسرة وحدة المجتمع الأساسية والإطار الشرعي
والاجتماعي للتكاثر البشري». وتبدو هذه العبارة وكأنها لا غبار
عليها ولكن يبدو أن المجمع الفقهي لا ينخدع بهذه العبارات
الملساء المشحونة بالخدع والحيل.. فهو يقف عند مصطلح الأسرة
فيقول.. يجب تقييد الأسرة بعبارة «وفق أحكام الشريعة الإسلامية»
لاجتناب مفهوم الأسرة متعددة الأشكال في وثائق مؤتمرات السكان
«علاقة الرجل بالرجل أو المرأة بالمرأة والعلاقة بين ذكر وأنثى
خارج عقد الزواج الشرعي». ما بالكم يا أيها الإخوة في مجمع
الفقه الإسلامي؟ ماذا دهاكم؟ ألا تنخدعون بالباطل؟ ما بالكم
تحككون الأمر هكذا؟أما يكفيكم أن تقول الوثيقة الأسرة؟ هل كان
لابد أن تغوصوا في أعماق الوثيقة وأعماق الكاتبات الناشطات؟
إن المجمع الفقهي مع تواتر علمه بما يصدره عن مؤتمرات السكان
ومن تمطيط مفهوم الأسرة كان لابد له من هذا التنبيه حتى لا
يقال إن المجمع الفقهي قد انضم إلى ركب مؤتمرات بكين والقاهرة
وهلم جرا.. الله أكبر. في محور المرجعيات تتحدث الوثيقة عن
الرؤية ربع القرنية. ويأتي تعليق مجمع الفقه الإسلامي مختصراً
ومحكماً وواضحاً إذ يقول:
محتوى الرؤية بإضافة جملة «وفق مقاصد الشريعة الإسلامية» جلي
وواضح وغني عن الإشارة إن إناء مجمع الفقه الإسلامي ينضح
بالرؤية الشرعية والأحكام الشرعية والضبط الشرعي والمصلطلح
الشرعي والتحوطات الشرعية.. أي أنه ينضح بالشريعة.. وإناء
الوثيقة ينضح بالمتشابه والمدلس والمدغمس ولأن مجمع الفقه
الإسلامي يدري ما يقول ويضبط ما يقول لأنه يوقع عن رب العالمين
فهو يضبط مقاصد الشريعة قائلاً: «وتعبر مقاصد الشريعة
الإسلامية عن قيم حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال وهي
قيم أساسية في سياسة السكان».
فإذا بلغنا حيث تتحدث الوثيقة عن الهدف الإستراتيجي نجد أن
مجمع الفقه الإسلامي يلقن معدي الوثيقة درجًا في التيقظ وعدم
الانخداع بالألفاظ البراقة فنجد أنه رغم تقريظه ومدحه لما ورد
حول الهدف الإسراتيجي لسياسة السكان فهو يصر إصراراً غريباً
على أسلمة الوثيقة من رأسها إلى أخمص قدميها ويقيني أن نسوة
سيداو الآن يتلاومن ويتبادلن أنخاب التقريع والتبكيت وكل واحدة
تقول للأخرى: «كله بسببك أنت».
والأخرى تنكر قائلة «أنا ... «...» منك!!
والله لولاك ما وقعنا في مجمع «...» هذا!!
أما الكلمة الأولى المحذوفة فهي كلمة «نونية» يعني تنتمى إلى
عالم النسوة وهن أكثر الخلق ترديداً لها بالرغم من أنها تبدأ
بالواو
أما الكلمة الثانية فهي مفردة تبرم في غياب الشخص الذي تتملقه
وترجو نائلاً من وراء تملقك إياه ولكنه يثبت لك أنه ليس خفيف
الرأس ولا شديد التهافت.
يقول المجمع الفقهي: محتوى الهدف واضح وصحيح ودقيق في المضمون
وتضاف جملة قيم الأخلاق الفاضلة وتمام مكارم الأخلاق مقصد من
مقاصد الشريعة الإسلامية وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما
بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق» المجمع بصراحة يخاف من ألغام
نسوة سيداو المدفونة في مثل قولك «توسيع الخيارات» وعبارة
خالية من العلل» وفرص اكتساب المعرفة» و«حياة كريمة» «ومشاركة
فاعلة في نشاط مجتمعهم».
عندما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يرد كيد الأحزاب في
معركة الخندق المشهورة شغلته الحرب والإعداد لها عن صلاة العصر
فلما تنبه دعا ذلك الدعاء المشهور قائلاً: «لقد شغلونا عن
الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم ناراً».
واليوم وأنت تقرأ الحلقة الثالثة في الرد على هؤلاء الناشطين
والناشطات والعلمانيات والعلمانيين ألا تشعر بأننا ربما شُغلنا
بهم ـ أو اشتغلنا بهم ـ أكثر من اللازم؟
ألا ترى أن جراح الوطن نازفة في الجنوب والشرق والغرب؟ وهؤلاء
مشغولون بالباطل وبالدولار وبالمعارك التافهة الخاسرة التي
يخوضونها ضد خالقهم وضد نبيهم وضد أمتهم بالوكالة عن الشيطان
وحزب الشيطان..
هل نقول لقد شغلونا عن هجليج وتلودي وكاودا فعل الله بهم كذا
وكذا وملأ منهم كذا وكذا؟
ألا ترى أنهم من بني جلدتنا ويحملون أسماءنا ويتكلمون بلساننا
ويزعمون أنهم على ديننا وملتنا ولكنهم ينصرون عدونا.. ويثلمون
جدار أمننا وعزتنا وعقيدتنا.. إن المجمع الفقهي لا يزال يعمد
إلى المخالفات المحتملة في وثيقة السكان ويستخرجها ببراعة تدهش
الذين عكفوا على صياغتها والتدليس بها ومحاولة تمريرها..
ما زلت أذكر العبارة التي قالها الحاكم النيسابوري عن الإمام
محمد بن إسحق بن خزيمة أنه يستخرج الثلث من أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالمناقيش.
وذلك من حدة البصيرة وجودتها لا من حدة البصر ولا من جودته..
وهكذا يفعل المجمع الفقهي مع الوثيقة السكانية البائقة.
لما جاء المجمع إلى باب الأهداف وقف وقفة طويلة في محور التحول
الديموغرافي.. وأورد أربع عبارات هي:
ـ معدل الإعالة والهيكل العمري للسكان.
ـ السلوك الإنجابي.
ـ خدمات الصحة الإنجابية.
ـ تنظيم الأسرة.
وقال مجمع الفقه الإسلامي معلقاً على هذه العبارات: هذه
العبارات تحمل إشارات غير واضحة وتحمل دلالات مضمون يرتبط
بمفهوم اتجاهات الخصوبة أو سياسة خفض السكان.. وهذه المؤشرات
لا توافق قيم الدين الإسلامي والتشريعات الدستورية والقانونية
في السودان.
وينتقد المجمع بعض الترجمات ويتهمها بعدم الصحة وعدم الدقة
ويضرب لذلك مثلاً بالصحة الإنجابية ويرى أن عبارة صحة توالدية
أكثر ملاءمة وأكثر دقة.
كذلك أشار إلى أن عبارة «خدمات الصحة الإنجابية» تشمل خدمات
الإجهاض وقال قد يكون استخدام مصطلح «العناية بالصحة الإنجابية»
بديلاً مناسباً.
قلت: لا بد أن يكون المجمع الفقهي يقصد «العناية بالصحة
التوالدية» لأن بدءًا قد نقد مصطلح «صحة إنجابية» واستبدله «بصحة
توالدية».
ويستخرج المجمع الفقهي نكتة عقدية من الوثيقة بالمنقاش فيعلق
على عبارة الوثيقة «خفض معدل الوفيات» «خفض معدل وفيات الأمهات»
و«خفض معدل وفيات الأطفال» ويستبدل بها عبارة «خفض أسباب معدل
الوفيات» ويقول نلاحظ من ناحية اللغة لاعتبارات عقدية شرعية
استخدام كلمة «أسباب»..
إن الذي يريد أن يقوله مجمع الفقه الإسلامي هو أن السياسة أو
الوثيقة أو الدولة أو الدنيا بأسرها لا تستطيع أن تخفض معدل
الوفيات ولكنها ربما تستطيع أن تخفض الأسباب لأن الأعمار
مكتوبة ومسطَّرة ولا تزيد ولا تنقص وكل ذلك من أقدار الله
وتصاريفه.
وكذلك الحال بزيادة العمر.. وهذه مباشرة أكثر من سابقتها.
هذا كله يمثل نقداً قاسياً للوجدان الذي صدرت عنه هذه الوثيقة
فلو كان عامراً بهذه المعاني ما احتاج إلى من يرده إلى جادة
الصواب من كل هذا المعدل الكبير من العبارات والاختيارات.
وفي موضوع الأسرة يستدرك المجمع على الوثيقة وينبه إلى فقرة
مراجعة التشريعات الخاصة بتكوين الأسرة والزواج ويطلب إضافة
جملة «وفق أحكام الشريعة الإسلامية» لأن المطالبة بمراجعة هذه
التشريعات دون ضبط المراجعة بالعبارة التي أوردها المجمع
الفقهي تدل بالضرورة على الاعتراض على أحكام الشريعة الإسلامية
الخاصة بالأسرة!!
ويطلب المجمع الفقهي تحديد مفهوم الأسرة حسب التصور الإسلامي:
ويقول: تتكون الأسرة من رجل وامرأة بعقد شرعي بكامل أركانه
وتترتب عليه حقوق وواجبات الزوج والزوجة والذرية والأصول
والفروع والعصبة والأرحام.
وفي موضوع المرأة يقف المجمع الفقهي عند مفهوم تمكين المرأة
ويطالب بإضافة عبارة «التي تكفلها لها الشريعة الإسلامية.
وفي موضوع الأطفال الذي جاء في الوثيقة
يقول المجمع الفقهي تعليقاً على فقرة خفض نسبة ختان الإناث:
التحريم القانوني لختان الإناث يخالف الرأي الفقهي عند علماء
المسلمين القدماء والمحدثين.
ويطلب المجمع عبارة «نشر الوعي بختان الإناث وتشجيع الامتناع
الطوعي عن ممارسته».
ولأول مرة يكون المجمع متساهلاً مع الوثيقة.. ومتساهلاً جداً
لأن الرد على الوثيقة أرفقت معه فتوى للمجمع حول الختان صادرة
عام 2005م تقول:
رابعها: إذا تبين ذلك علم أن فعله خير من تركه وأنك أيها
السائل لو فعلته فقد أتيت بأمر واجب أو مستحب. وحصلت في ذلك
أجراً عظيماً إن شاء الله.
ويقيني أن مجمع الفقه الإسلامي لم يتعرض بالتفصيل لكل الترهات
الواردة في الوثيقة القومية للسياسة السكانية عام 2010م ولو
فعل لأراق مداداً وملأ صفحات.. ولكنه ربما استغنى بالضوابط
التي اقترحها مثل ومن أحكام الشريعة الإسلامية.
فهو مثلاً لم يذكر في تقريره فقرة تعميم خدمات شرطة حماية
الأسرة والطفل وهي حماية من العنف المفترض لدى هؤلاء الناشزات
من الأب يعني المرأة تطلب الشرطة لزوجها والطفل يطلب الشرطة
لأبيه!!
وكذلك فإن على المجمع المفقهي أن يقف عند عبارة «إزالة العنف
ضد المرأة» وأول أنواع العنف ضد المرأة الذي ترمي إليه الوثيقة
هو سن الزواج والولي والقوامة!!
وكذلك عبارة القضاء على التمييز ضد المرأة في المهنة والنشاط
والتدرج في الوظائف العامة!!
وهذه هي سيداو.. والتي تطلب منك أيها الزوج أن تكون تيسأ..
وتيسأ مستيقظاً حتى ساعة الفجر الأولى لتقوم بفتح الباب
للمديرة أو الوزيرة أو حتى الرئيسة دون أن تسأل من أوصلها إلى
الباب!!
مقالات أخرى:
الجندر: كفر أم فسوق أم فجور «1»
جامعة الخرطوم أنموذجاً
|