|
ختان الإناث
..ورقة القانونية
اعداد
القاضى / صلاح الدين محمد احمد صلاح
مقدمة
الملاحظ ان موضوع ختان الاناث سلط عليه الضوء هذه الايام
فهناك الكثير من الندوات والمنتديات التي عقدت لمناقشة هذه
المسالة الهامة اذ هي تتعلق بصحة الانسان البدنية والنفسية ,
ولعل مناقشة هذة المسالة تقتضى تناول جوانب عدة اجتماعية و صحية
وقانونية ودينية وكلفت باعداد ورقة عن الجانب القانوني لذا حاول
التركيز علي هذا الجانب و لن اتطرق للجوانب الاخري الا في الحدود
الضرورية لشرح الجانب القانوني .
تعريف الختان:
الختان لغة القطع وهو مصدر الفعل ختن و الاسم الختان (1) لسان
العرب جزء 2 ص 1102 , ص 1211 ) و الختانه وهو مختون و يقال ختن
الغلام و الجاريه وقيل الختن للرجال و الخفض للنساء وقيل ايصا
الختونه المصاهرة .
اذن يمكن ان نقول ختان الاناث او خفض الاناث و لا يخرج استعمال
الفقهاء عن المصطلح اللغوي (2) الموسوعه الفقهية الجزء التاسع
عشر ص 26 )
التطور التشريعي لختان الاناث في السودان :
لم تكن التشريعات السودانية تتناول موضوع ختان الاناث حتي صدور
الامر التشريعى رقم 3 لسنة 1946 والذى اضاف لقانون العقوبات لسنة
1925 المادة 284 (اْ) و التى تحدث عن جريمة الخفاض غير المشروع
ولعل ما دعي المشرع لاصدار هذا القانون هي تلك الصور المضرة التى
تمارس باسم الختان ولعل ذلك واضح من نص المشرع على تحريم الخفاض
غير الشرعي مما يدل على ان هناك خفاض شرعي غير معاقب عليه .
واستمرالحال هكذا في قانون العقوبات لسنة 1974 والذى نص في
المادة 284 (آ) منه على الاتي :
1) فيما عدا الاستثناء المشار اليه يعد مرتكب جريمة الخفاض غير
المشروع كل من يسبب قصد الاذي لعضو من الاعضاء التناسلية
الخارجية للانثى .
2) كل من يرتكب جريمة الخفاض غير المشروع يعاقب بالسجن مدة لا
تجاوز خمس سنوات او الغرامة او العقوبتين معا.
استثناء:
لا تعتبر ازالة الجزء الونفصل البارز من البظر جريمة اذا
وافقت علي ذلك المراة او ولي امرها اذا كانت غير رشيدة.
ونلاحظ ان اخذ العلم بهذه الجريمة اى بدء الاجراءات كانت تتوقف
على اخذ الاذن من المحافظ وفقا للمادة 130 \ا\د من قانون
الاجراءات الجنائية لسنة 1974 .
وكان هذا هو الوضع الوضع السائد حتي صدور قانون العقوبات لسنة
1983 م والذى لم ينص على هذه الجريمة وعلى ذلك سار القانون
الحالى القانون الجنائى لسنة 1991 .
ولعل السؤال الذى يثور هو هل اراد المشرع اباحة هذا الفعل ام انه
قصد ان تكون هذه الجريمة داخلة تحت جرايم تسبب الجراح ؟
للاجابة على هذا السؤال لابد من الاشارة الى انه ووفقا لمبدا
الشريعة فلا جريمة ولا عقوبة الا بنص.
ويقابل ذلك في الفقه الاسلامي قاعدتي " لا حكم لافعال العقلاء
قبل ورود النص " و الاصل في الاشياء و الافعال الاباحة " اى ان
افعال المكلف المسئول لا يمكن وصفها بانها محرمة ما لم يرد نص
بتحريمها . اذ قال الله تعالي " ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا "
صدق الله العظيم
والثابت ان القانون الجنائي السوداني لم يرد به نص يحرم الختان
كما لم يرد ذلك بنص فى قانون خاص.
بعد ذلك ناتى للشق الثانى من السؤال هل قصد المشرع ان تدخل هذه
الجريمة ضمن جرائم قطع الاعضاء وتسبييب الجراح ؟
تنص المادة 138/ا من القانون الجنائى على الاتى :
من يسبب لاانسان ذهاب عضو من جسده او ذهاب وظيفة العقل او الحاسة
او الجارحة او شجاجا او جرحا في جسده يكون قد سبب له جرحا .
و الختان بصورة عامة يدخل ضمن هذا التعريف , الا ان ما يخرجه من
ضمن هذا النص انه فعل مباح .
والثابت شرعا ان احد من الفقهاء لم يقل بتحريم الختان (3)
الموسوعة الفقهية جزء 19 ص 28) بل ان الاقوال تراوحت بين الوجوب
والسنة حيث هنالك ثلاثة اقوال للفقهاء القول الاول مذهب الحنفية
و المالكية وهو وجه شاذ عن الحنفية ورواية عن احمد الى ان الختان
سنة فى حق الرجال وهو مندوب في حق المراة عند المالكية وعند
الحنفية و الحنابلة في رواية يعتبر ختانها مكرمة وفي قول عن
الحنفيه انه سنة في حقهن كذلك وفي رواية انه مستحب .
وفي القول الثانى ذهب الشافعية والحناباة وهو مقتضى قول سحنون عن
المالكية الي ان الختان واجب علي الرجال و النساء والقول الثالث
نص عليه ابن قدامة في المعني ان الختان واجب علي الرجال و مكرمة
في حق النساء.
اذن فختان الاناث عند الفقهاء يتراوح بين الواجب و السنة
والمكرمة فهو في كل الاحوال عبادة تقرب لله تعالي اذن فلا يمكن
القول بانه غير مشروع وبتالي لا يمكن القول بانه محرم وفقا
للنصوص التي تحرم القطع و الجرح و القول بغير ذلك يدخل ختان
الذكور ايضا تحت دائرة التحريم وهذا ما لم يقله احد .
ولعل قواعد العرف والشريعة الاسلامية لها دور اصيل في استبعاد
العقاب حتي بالنسبة للدول التطبق القوانين الوضعية ناهيك عن
قانوننا الذى تعتبر الشريعة الاسلامية مصدره الاساسى (1) محمود
نجيب حسن -القانون الجنائى القسم العام-ص91)
هذا عن الختان الشرعي والذي حدد مقداره بقطع الجلدة التي تغطي
الحشفة وتسمى القلفة و الغرلة عند الذكور ويكون ختان الانثي ما
ينطبق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول
والسنة فيه ان لا تقطع كلها بل جزء منها (2)الموسوعة الفقهية
ص19-28
اما الختان غير الشرعي اي بغير الصورة المذكورة فهو ايضا لا يمكن
ان يعاقب عليه وفقا لجرائم الجراح الواردة في القانون الجنائي
حيث ان هناك مانع من العقاب اذ انه يكون برضاء المجني عليها او
وليها وراي الفقهاء ان الرضا بالقطع او الجرح يترتب عليه منع
العقوبة فيري ابو حنيفة و اصحابه ان الاذن بالقطع او الجرح يترتب
عليه منع العقوبة و مذهب مالك ان الاذن بالقطع او الجرح لا عبرة
به الا اذا استمر المجني عليها مبرنا بعد الجرح او القطع ,
والاذن بالجراح او القطع يسقط العقاب ايضا في المذهب الشافعي ما
لم تر الجماعة عقابه تقريرا و كذلك عن احمد الاذن يسقط العقاب .
هذا اضافة الي ان جرائم الجراح من جرائم الحق الخاص التي يجوز
فيها التتنازل . اذن فالخلاصة ان الختان بنوعيه لا يقع تحت جرائم
الجراح فالختان الشرعي مباح لا يمكن تجريمه و النوع الآخر يتم
برضاء المجنى عليها او وليها فيستحيل العقاب ولعل ذلك ما داعي
المشرع السوداني للنص عليه استقلالا في قانوني 1925 و 1974 رغم
وجود نصوص تجرم الاذي . عليه فالقوانين السارية حاليا لا يمكن في
ظلها تجريم الختان .
وقد يقول قائل ان العلاج لهذه المشكلة لا ياتى عن طريق القانون
اذ ان هذه عادة تعارف عليها الناس ولا يمكن ان تنتهى الا باقناع
الناس بضررها وليس بتجريمها اذ ان القانون ينظم السلوك في
المجتمع وفق القواعد التى يرتضيها افراد المجتمع فان الدور هو
دور اجتماعى و اعلامى لاقناع الاسر بفظاعة ما يفعلون وانه قبل
ذلك لا يمكن ان يكون للقانون دور . لكنا نرد علي ذلك بان القانون
بهذا المفهوم يكون دوره سلبيا في المجتمع ولا يساعد في تقةيم
السلوك المنحرف . و الثابت تاريخيا ان للقانون دور ايجابى في
تغيير سلوك المجتمع وليس مجرد تنظيمه وخير مثال لذلك قواعد
الشريعة الاسلامية التي استطاعت وفي فترة وجيزة ان تغير المجتمع
تغييرا جوهريا فالقانون يمكن ان يقوم بهذا الدور ولكن يجب ان
يسير دوره جنبا الي جنب مع الادوار الاخري المتمثلة في نشر الوعي
الديني و الصحي والثقافي لذا فلابد من تكثيف الجهود فى كل
المحاور وبالنسبة للجانب القانوني وحتي يكون دوره فعالا نوصي
بالاتي :
1- ضرورة افراد نص خ اص يجرم الختان غير المشروع وان يعرف
الختان الشرعي تعريفا دقيقا نافيا للجهالة .
2- ان تدرب كوادر صحية للقيام بعملية الختان وان يصدر لها ترخيص
خاص بذلك.
3- ان تؤدي الكوادر المدربة القسم علي القيام بالختان وفق
التعريف الشرعي وان توضع عقوبة رادعة من يخالف ذلك .
4- ان يعاقب كل من يقوم بعملية الختان دون ترخيص رسمى سواء اداه
بالطريقة الشرعية او غير الشرعية.
وختاما الحمد لله من قبل ومن بعد
|
|
|
إصدارة
جديدة
ختان
الإناث الشرعي رؤية طبية
المؤلف:د ست البنات
خالد
الصفحات:22 صفحة
عرض الكتاب» |
|
|