|
الأسرة المسلمـة
رفع
سن الزواج.. خفض سن الجنس!!
هبة
رءوف عزت
في خضم الجدل بشأن تغيير قانون الأسرة في "قطر" ومدونة الأحوال
الشخصية في المغرب وغيرها ،وغيرها، من القوانين في أقطارنا
العربية والإسلامية، أثيرت مسألة رفع سن الزواج؛ ليكون حده
الأدنى للفتاة 18سنة، والأسباب المعلنة لذلك تبدو معقولة مثل أن
تستكمل الفتاة تعليمها الثانوي، أو أن تكون قد نضجت بالدرجة
الكافية لتحمل مسئولية تربية الأبناء وتقدير أعباء الأسرة
الجديدة، فضلاً عن أمور معتبرة مثل مكافحة تزويج البنات الصغيرات
لأول رجل يملك من المال ما يمكّنه من "شراء" زوجة فقيرة يحرص
أهلها على التخلص من عبء اللقيمات التي تأكلها، وهو وضع ينتفي
فيه الاختيار الحر للفتاة تمامًا، وفي ظله تُنْتَهك الكثير من
الحقوق ونشهد بالفعل في الواقع أوضاعًا محزنة بل ومهينة.
كل هذا الكلام له حججه، وله اعتباره.. لكن الذي لا نجد له
تقديرًا لدى المدافعين عن رفع سن الزواج هو هذه "الثورة الجنسية"
التي نشهدها عبر القنوات الفضائية وعبر شبكة الإنترنت وفي
الصحافة الصفراء والحمراء، وهذا الهوس بالجنس والجسد في كل مكان
من العالم خاصة في المدن الكبرى التي تشكل الآن التجمع السكاني
الأكبر على الأرض، وفي هذا المناخ ينخفض سن التعرض إلى الجنس،
والتعرف عليه.. ومع ثورة الطاقة الجنسية وضغوط البيئة المحيطة
انخفض سن ممارسة الجنس بصورة ملحوظة، نرى مؤشراتها في شوارعنا في
المشرق ومصر والمغرب العربي، ونعرف جيدًا خفاياها في بقية الدول
التي أفلحت أحيانًا وأخفقت أحيانًا أخرى في حجب "المظاهر" وليس
الظواهر ذاتها.
في ظل هذه الأوضاع، ومع إتاحة تداول وسائل منع الحمل بشكل واسع،
هل يصبح من الحكمة رفع سن الزواج؟!.. وهل سيؤدي هذا إلى معالجة
المشكلات التي ينشد أنصار هذا الرأي التصدي لها أم سيؤدي إلى
كوارث جديدة مثل انهيار صورة مؤسسة الزواج وانتشار العلاقات غير
الشرعية وحمل السفاح؟!!.. ثم نسمع بعدها - بل ومنذ الآن في خطة
إدماج المرأة في التنمية في المغرب مثلاً - عن حقوق الأطفال
"الطبيعيين" الذي لا نسب لهم؛ لأنهم ولدوا خارج رباط الزواج..
وهي حقوق مكفولة في الشرع الحنيف، لكن شتان بين أن تكون استثناءً
وقلة يرعاها المجتمع، وبين أن ترتفع هذه النسبة لتكون ثلثي
الأطفال كما في بعض بلدان الغرب!.
إن مشكلات تزويج الفتيات الفقيرات لمن لا يرغبن فيه ولمن يدفع
الثمن لن تنتهي برفع سن الزواج.. فالأوضاع القاهرة ستظل هي
الحاكمة قبل سن الـ 18 وبعده، لكن الغريب هو هذا التجاهل
للانهيار الأخلاقي الذي نشهده مع العولمة لأسباب اقتصادية
وسياسية عديدة وعدم التصدي لتلك المشاكل بوعي يدعم الأسرة،
ويدافع عن العفة ويوفر سبلها. وإذا لم يصبر الشباب حتى تتيسر
الظروف الملائمة للزواج وتعجلوا العلاقة بالجنس الآخر، فيجب أن
يُعَدَّ الشباب لتحمل تلك المسئولية بشكل قانوني إذا أراد أن
يستمتع بحلوها ويدفع المقابل من جهد زائد وعمل دائب بجوار
الدراسة إن شاء..
إن حفظ الأخلاق لهو أمر ضروري لحفظ حقوق المرأة مثلما هو ضروري
لحفظ حقوق المجتمع وحقوق الأطفال المنتظرين.. فالمرأة هي التي
تدفع الثمن عند انهيار العلاقات الشرعية وتقييد الحلال في حين
تسهل سبل الحرام والإغراءات المؤدية لها.
القضية معقدة.. لكن الإجابات السهلة لا تكفي.. والحلول
الاختزالية التي تُعَجِّل بانهيار الأسرة العربية لن تزيد الطين
إلا بِلَّة، وما زالت الملفات الشائكة مفتوحة
|
|
 |
إصدارة
جديدة
ختان
الإناث الشرعي رؤية طبية
المؤلف:د ست البنات
خالد
عرض الكتاب» |
|
|