تحديد النسل (( تنظيم الأسرة))
بقلم أم يسن
ذكر أبو الأعلى المودودى في كتابه (حركه تحديد النسل ) قائلا ((
ان الغاية المقصودة من حركة تحديد النسل او تنظيمه هى وقف النسل
الانسانى عن النمو والزيادة. وفى الماضى كانت تستخدم لهذه الغاية
وسائل كالعزل والاجهاض وقتل الاولاد و كبت النفس بالعروبة وفى
العصر الحديث استخدمت وسائل طبية لمنع الحمل اضافة الى الوسائل
التقليدية.
هذه الحركة بدات فى اوربا منذ اواخر القرن الثامن عشر الميلادى
وكان مالتوس اول من تقدم بالفكرة و تبعه اخرون فى فرنسا و امريكا
, وفى البدايه لم يلتفت الغرب لفكر التحديد و لكن فى الربع
الاخير من القرن التاسع عشر ظهرت حركه جديدة لتحديد النسل تعرف
بالنيومالثوسية حينما بدأت السيدة بانى بيسانت تكتب عن الحركة
فانتشرت الفكرة انتشارا واسعا و يعزى الكاتب هذا الانتشار لاسباب
هى : -
أ- النهضة الصناعية :وهى نتيجة لقيام المصانع الكبرى بالمدن و
نزوح اهل القرى و الارياف اليها , احتدام التنافس بين الناس و
ارتفاع مستوى المعيشة فاصبح العمل فى تلك المصانع عاملا من عوامل
تحديد النسل .
ب- الاستقلال الاقتصادى للنساء :
حيث خرجت المراة لمعترك العمل مضطرة لانها ان بقيت بدون عمل الى
مدة طويله لتقوم بوظيفتها الفطرية ماتت جوعا او اصبحت كلا لا
يطاق على زوجها .
ج- الحضارة الجديدة :
ان تلك الحضارة الجديدة هى الاخرى قد خلقت من المشاكل و الاسباب
ما قد جعل المراة تهرب من التوالد والتناسل لان العقلية المادية
قد أنشأت فى الناس من الاثرة و حب الذات ما قد جعل كل فرد فى
المجتمع يحب ان يهئ لنفسه اكثر ما يستطيع من اسباب الرفاهية
والترف ولا يحب ان يشاركه فيما يكسب احدا غيرة حتى لو كان اباه
او امه او اخاه او اخته او ولده.
سلبيات تحديد النسل على اوربا
يرى الكاتب ان حركة تحديد النسل ادت الى عواقب وخيمة ما زالت
المجتمعات الغربية تعانى منها حتى الان , من هذه السلبيات:
(1) عدم التوازن بين طبقات المجتمع:
فقد اثبتت الدراسات المسجل العام و اللجنة الملكية للاحصاء
السكانى فى انجلترا ان حركة تحديد النسل هى الاكثر انتشارا بين
الطبقة العليا و الطبقة الوسطى اما العمال و الفقراء فانهم لا
يلتفتون الى موضوع التحديد و نتيجة ذلك تناقص اهل الفكر و العلم
وفى مقابل ذلكزيادة اعفول الفقيرة مما ادى الى انحطاط المعيار
الفكرى والعقلى العام و قحط الرجال.
(2) كثرة الفواحش والامراض :
وبسبب حركة تحديد النسل اخذ الفساد من الزنا و غيرها من الامراض
ينتشر بصورة مزعجة لا سيما بعد ان ازالة المدنية بقايا القيم و
الحياء بعد انتشار الاختلاط العلنى بين الرجال و النساء فى محال
الرقص و الغناء فاصبح الهدف العام معاقرة النساء و الجرى وراء
اشباع الشهوات ففى انجلترا يولد كل عام ثمانين الف طفل دون زواج
شرعى.
(3) كثرة وقائع الطلاق :
ان تحديد النسل هو من احد الاسباب الاساسية التى اوهنت قيود
العلاقات الاسرية فمن المعلوم ان الذرية لها نصيب كبير فى
المحافظة على العلاقة بين الرجل و المراة و على استقرار الاسرة
فنجد عند عدم الانجاب يكون من السهل عليهما ان يفارق كل منهما
الاخر فانتشرت وقائع الطلاق ففى محكمة واحدة من محاكم الطلاق
بلندن فسخت اكثر من مائة و خمسة عشر زيجة فى دقيقة و نصف و كلهم
لم يكن لهم ذرية.
(4) انخفاض نسبة المواليد :
ومن اهم النتائج ايضا ان الدراسات الاحصائية ان الشعوب التى تسير
على خطة تحديد النسل فى بلادها قد انخفضت بها نسبة المواليد بشكل
كبير مما جعل الحكومة الانجليزية تتخذ بعض الاجراءات العلاجية
للموضوع وذلك:
أ- منح كل اسرة مكافئة مالية بقدر ما يكون لها من ابناء.
ب- ان يعدل قانون ضريبة الدخل التى كان يعانى منها الاباء .
ت- الاهتمام بمشاريع المحافظة على البيئة واقامة لجان للتحقيقات
فى مشكلة قلة السكان.
المجتمعات الاسلامية و حركة تحديد النسل
لقد اوردت هذا الجزء من البحث القيم الذى دعمه صاحبه بالمصادر و
الجداول الاحصائية الموثقة و التى لا يتسع المجال للتفصيل فيه
لاهمية الالمام به لا سيما و ان الدول النامية بما فيا الدول
الاسلامية تجد نفسها مضطرة للسير فى اتجاة تحديد النسل الذى
تتبناه الامم المتحدة وتصرف عليه الاموال الطائلة لتوفر وسائل
منع الحمل التى يتم توزيعها مجانا على النساء بهدف تقليل نسل
المسلمين و اضعافة و قد سبق ان كتبت بحثا بعنوان( قضية تحديد
النسل فى الشريعة الاسلامية) . وقد جاء فى توصياتة:
· على المسلم كان رجلا او امراة ان يتحرى الحلال فيما يسمى تنظيم
الاسرة ويعمل به ولا يتخذ من فساد المجتمع مبررا لارتكاب الحرام.
· على الدول العربية و الاسلامية ان تحارب مشروع تحديد النسل
محاربة جادة و صريحة.
· على الدول العربية و الاسلامية ان تعمل حظرا على يبع وسائل منع
الحمل وذلك للحفاظ علىالاخلاق و الصحة العامة و ان تتخذ
الاجراءات الوقائية و القانونية المؤدية الى ذلك و الا تسمح
باستعمال تلك الوسائل الا فى الحالات العلاجية فقط.
· على الدول الاسلامية و العربية ان تسعى لزيادة عدد سكانها خاصة
جمهورية السودان الديمقراطية التى تملك ثروات طبيعية هائلة .
· على الدول العربية و الاسالمية ان تهيم بالاجهزة الاحصائية و
تعمل على تطويرها حتى تتمكن من التخطيط السليم فى المجالات
الاجتماعية و الاقتصادية .
و هنالك ملاحظة هامة خاصة بتنظيم الاسرة فى مجتمعنا السودانى وهى
ان عمل المراة يمثل اهم الدوافع لتنظيم الاسرة وان تحديد النسل
يجد رواجا اكبر بين اوساط الاغنياء و المثقفين ,اما الفقراء و
بالرغم من معاناتهم المادية فهم لا يلجأون الى تنظيم اسرهم لان
الام غالبا غير عامله, وهذا بالطبع مؤثر سالب لانه يؤدى تدريجيا
الى قحط العقول المفكرة .
و بما ان الاحساس بحرمة التحديد او حتى الشك فى الحل مازال
موجودا عند كثير من المسلمين لجأ العاملون على تحديد النسل الى
الخدعة الصحية مستغلين بذلك تردى الاحوال المعيشية و الاقتصادية
ليقولوا بان كثرة الانجاب تمثل خطرا كبيرا على صحة الام وهم
يعلمون علم اليقين بان الخطر يكمن فى تردى الاحوال الصحية و
انتشار الامراض و تعرض الام الخامل لسؤ التغذية و الظروف
الاقتصادية القاسية لا فى الانجاب!!!!!!!!
و المسلسلات الاجتماعية تسير فى نفس الاتجاه وهو الترويج لتنظيم
الاسرة و تشجيعه بين افراد المجتمع من المشاهدين كما ان عدد
افراد الاسرة فى اكثر المسلسلات لا يزيد عن اثنين او ثلاثة و
الام فى المسلسل تهتم بعملها اكثر من اهتمامها بدورها فى الاسرة
وهو اسلوب مقصود و موجه ضد القيم الدينية التى تنادى بالتناسل و
التكاثر و العمل الدرامى المشهور (افواة وارانب) ما هو الا سخرية
لاذعة لكثرة الانجاب وهو اسلوب فاعل فى تنفير المشاهدين عن كثرة
الانجاب لاسيما أؤلئك الذين لا يعرفون كثيرا عن دينهم .
الهوامش:
1- ابو الاعلى المودودى مفكر اسلامى كبير كتب فى كثير من القضايا
المعاصرة منها كتاب(تحدتد النسل ).
2- مالتوس(توماس) 1766-1824م:من علماء الاقتصاد الانجليز:دعا الى
تحديد النسل فى العالم بنى نظريتة على نمو السكان المتزايد
يقابله نقص فى المواد الغذائية, تاثر بنظرية علم الاقتصاد
المعاصر .
3- كتاب قضية تحديد النسل فى الشربعة الاسلامية (رسالة ماجستير)
لام كلثوم يحيى مصطفى .
|